موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ٢ - الصفحة ٦٠٢
عقر دارهم فقتلوهم؟! إنه لا يرجع محمد وأصحابه إلى المدينة أبدا! (1).
(١) تفسير القمي ٢: ٣١، وقال ابن إسحاق ٣: ٣٢٢، واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ومن الاعراب ليخرجوا معه، فأبطأ عليه كثير منهم، وهو يخشى من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت.
وروى الواقدي ٢: ٥٧٤، أن رسول الله جعل يمر بالأعراب فيما بين المدينة إلى مكة: بني بكر، وجهينة، ومزينة، فيستنفرهم معه فيتشاغلون له بأموالهم وأبنائهم وذراريهم ويقولون:
أيريد محمد أن يغزو بنا إلى قوم معدين مؤيدين في الكراع والسلاح وانما محمد وأصحابه أكلة جزور! لن يرجع محمد وأصحابه من سفرهم هذا أبدا! قوم لا سلاح معهم ولا عدد، وانما يقدم على قوم عهدهم حديث بمن أصيب منهم يوم بدر! وخرج معه من أسلم سبعون أو مئة رجل. وخرج معه من المسلمين الف وست مئة أو ألف وخمسمئة أو ألف وأربعمئة وكان معه أربع نسوة: أم سلمة زوجه، وأم عامر الأشهلية، وأم عمارة، وأم منيع.
وكان رسول الله يقدم الخيل، ثم هديه ومعه هدي المسلمين مع ناجية بن جندب ومعه فتيان من أسلم، ثم ويخرج هو...
وراح رسول الله عصر يوم الاثنين من ذي الحليفة فأصبح يوم الثلاثاء بملل، وراح من ملل فتعشى بالسيالة ثم أصبح بالروحاء.
وكان فيهم من لم يحرم، فاشترى قوم منهم في الروحاء أو عرضوه على المحرمين فأبوا حتى سألوا رسول الله فقال: كلوا، فكلصيد ليس لكم حلالا من الاحرام، تأكلونه، الا ما صدتم أو صيد لكم ٢: ٥٧٥، فروى بسنده عن ابن عباس: أن الصعب بن جثامة أهدى لرسول الله في الأبواء حمارا وحشيا (قد صاده) فرده وقال: إنا لم نرده الا أنا حرم. ولكنه روى عن أبي قتادة: أنه صاد في الأبواء حمارا وحشيا لنفسه وأصحابه المحلين وطبخوه وعرضوه على المحرمين فشكوا في أكله فسأل النبي عن ذلك فقال: أمعكم منه شئ؟ فأعطاه الذراع فأكله وهو محرم، لأنه لم يصده محرم أو لمحرم، بل محل لمحل - ٢: ٥٧٦.
وحين اقتربوا من الأبواء عطب بعير من الهدي فأخبر بذلك ناجية بن جندب رسول الله فقال له: انحرها واصبغ قلائدها في دمها، وخل بين الناس وبينها ولا تأكل أنت ولا أحد من أهل رفقتك منها شيئا.
وفي الأبواء - أيضا - رأى رسول الله كعب بن عجرة على طبخ والقمل في رأسه يؤذيه فقال له: هل تؤذيك هوامك يا كعب؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال: فاحلق رأسك.
وروى الواقدي بسنده عن مجاهد: أن في كعب بن عجرة هذا نزلت الآيات من سورة البقرة: * (وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب) * فروى مجاهد عن كعب بن عجرة قال: فأمرني رسول الله أن أذبح شاة " أو نسك " أو أصوم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين مدين، وقال: أي ذلك فعلت أجزأك - ٢: ٥٧٧، ٥٧٨.
والآيات في سورة البقرة من ١٩٦ - ٢٠٣. وعليه فهذه الآيات مما نزلت في السنة السادسة وألحقت بسورة البقرة النازلة في السنة الأولى من الهجرة.
وفي منزل الجحفة روى الواقدي أن النبي خطب الناس فقال: أيها الناس اني لكم فرط، وقد تركت فيكم كتاب الله وسنة نبيه ٢: ٥٧٩.
وهذا ما رواه مسلم في صحيحه أيضا، وقد روى جمع كثير أنه قال: كتاب الله وعترتي أهل بيتي. فراجع مصادر حديث الثقلين في المراجعات: سبيل النجاة: 12 - 22، تحقيق حسين الراضي.