وآليت لا آوي لها من كلالة * ولا من حفي حتى تلاقي محمدا متى ما تناخي عند باب ابن هاشم * تراحي، وتلقي من فواضله ندى نبيا يرى ما لا ترون وذكره * أغار لعمري في البلاد وأنجدا له صدقات ما تغب ونائل * وليس عطاء اليوم مانعه غدا (1) ولذلك قال السهيلي في " الروض الأنف " إن صح خبر الأعشى فلم يكن هذا بمكة وإنما كان بالمدينة، وفي القصيدة ما يدل على هذا قوله: " فإن لها في أهل يثرب موعدا ". وقد ألفيت للقالي رواية عن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال: لقي الأعشى عامر بن الطفيل في بلاد قيس وهو مقبل إلى رسول الله، فذكر انه يحرم الخمر فرجع. فهذا أولى بالصواب. وهذه غفلة من ابن هشام ومن قال بقوله، فإن الناس مجمعون على أن الخمر لم ينزل تحريمها إلا بالمدينة بعد أن مضت بدر واحد، وحرمت في سورة المائدة، وهي من آخر ما نزل (2).
ولكنها وإن كان من المسلم به نزولها في أواخر عهد الوحي، لكن من المسلم به أيضا أنها لم تنزل دفعة واحدة، فإن في خلالها آيات لا شبهة في نزولها قبل ذلك بكثير، ويشهد بذلك مضامينها وما ورد فيها من أسباب النزول (3).
غزوة بني لحيان:
وقبل قصة بطن الرجيع كانت قصة بئر معونة بدعوة أبي براء الخزاعي العامري وخيانة بني لحيان من هذيل وبيعهم خبيب بن عدي وزيد الدثنة إلى أهل مكة وقتلهم هناك.