موقف علي (عليه السلام) وسائر الصحابة:
قال القمي: وحمل علي (عليه السلام) كفا من الحصى فرمى به في وجوههم ثم قال:
شاهت الوجوه وقطت ولطت (أي قطعت وشقت وضربت) إلى أين تفرون؟!
إلى النار؟! فلم يرجعوا، فكر عليهم ثانية وبيده صحيفة يقطر منها الموت فقال لهم: بايعتم ثم نكثتم؟! فوالله لأنتم أولى بالقتل ممن قتل! وكأن عينيه قدحان مملوءان دماء أو زيتان يتوقدان نارا!
ولم يبق مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا أمير المؤمنين وأبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري، وكلما حملت طائفة على رسول الله استقبلهم أمير المؤمنين فيدفعهم عن رسول الله ويقتل فيهم حتى انقطع سيفه (1).
فلما انقطع سيف أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء إلى رسول الله، فقال: يا رسول الله إن الرجل يقاتل بالسلاح، وقد انقطع سيفي! فدفع إليه رسول الله سيفه " ذا الفقار " وقال: قاتل بهذا.
فلم يكن يحمل على رسول الله أحد إلا يستقبله أمير المؤمنين (عليه السلام) فإذا رأوه رجعوا.
وانحاز رسول الله إلى ناحية أحد فوقف، وكان القتال من وجه واحد، وقد انهزم أصحابه، فلم يزل أمير المؤمنين (عليه السلام) يقاتلهم حتى أصابه في وجهه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة.
وسمعوا مناديا ينادي من السماء: " لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي ".