وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة، فتحاموه (1).
وكأن الشيخ المفيد لم تفده هذه الأخبار إلا اضطرابا في مضمونها فقال في " الإرشاد ":
ومن آيات الله الخارقة للعادة في أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه: لم يعهد لأحد من مبارزة الأقران ومنازلة الأبطال ما عرف له (عليه السلام) من كثرة ذلك على مر الزمان، ثم انه لم يوجد في ممارسي الحروب إلا من عرته بشر ونيل منه بجراح أو شين، إلا أمير المؤمنين فإنه لم ينله مع طول زمان حربه جراح من عدو ولا شين، ولا وصل إليه أحد منهم بسوء، حتى كان من أمره مع ابن ملجم على اغتياله إياه ما كان.
وهذه أعجوبة أفرده الله بالآية فيها، وخصه بالعلم الباهر في معناها، ودل بذلك على مكانه منه وتخصصه بكرامته التي بان بفضلها من كافة الأنام (2).
خبر قريش في مكة:
قال الواقدي: ولما انكشف المشركون بأحد وانهزموا كان أول من قدم بخبرهم عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فكره أن يقدم مكة فقدم الطائف فأخبرهم: إن أصحاب محمد قد ظفروا وانهزمنا وأنا أول من قدم عليكم.
ثم لما تراجع المشركون بعد فنالوا ما نالوا كان أول من أخبر قريشا بقتل أصحاب محمد وظفر قريش: وحشي. سار على راحلته أربعة أيام فانتهى إلى الثنية التي تطلع على الحجون فنادى بأعلى صوته مرارا: يا معشر قريش! حتى ثاب إليه الناس وهم خائفون أن يأتيهم بما يكرهون فلما رضي منهم قال:
أبشروا، قد قتلنا أصحاب محمد مقتلة لم يقتل مثلها في زحف قط، وجرحنا محمدا