موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ٢ - الصفحة ٥٣٩
توبة أبي لبابة:
قال القمي في تفسيره: كان أبو لبابة بن عبد المنذر يصوم النهار، وإنما يأكل بالليل ما يمسك به رمقه مما كانت تأتيه به ابنته، وتحله عند قضاء الحاجة.
وذات ليلة كان رسول الله في بيت أم سلمة إذ نزلت توبته، فقال رسول الله لام سلمة: يا أم سلمة، قد تاب الله على أبي لبابة.
فقالت أم سلمة: أفأؤذنه بذلك؟ فأذن لها، فأخرجت رأسها من الحجرة فقالت:
يا أبا لبابة، أبشر! لقد تاب الله عليك. فقال: الحمد لله. ووثبوا ليحلوه فقال:
لا والله، حتى يحلني رسول الله! فجاءه رسول الله فقال:
يا أبا لبابة، قد تاب الله عليك توبة لو ولدت من أمك يومك هذا لكفاك!
فقال: يا رسول الله، أفأتصدق بمالي كله؟ قال: لا، قال: فبثلثيه؟ قال:
لا. قال: فبثلثه؟ قال: نعم. فأنزل الله تعالى:
* (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم * خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم * ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم) * (1).

(١) التوبة: ١٠٢ - ١٠٤. والخبر في تفسير القمي ١: ٣٠٣، ٣٠٤. وفي الآية ٢٧ من سورة الأنفال قال: نزلت هذه الآية مع الآية في سورة التوبة التي نزلت في أبي لبابة في غزوة بني قريظة في سنة خمس من الهجرة وقد كتبت في هذه السورة مع أخبار بدر على رأس ستة عشر شهرا من الهجرة ١: ٢٧١. وقال الطوسي في التبيان ٥: ٢٩٠. وهو المروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) ونقله كذلك في مجمع البيان 5: 101.
وروى ابن إسحاق في السيرة 3: 248 بسنده عن أم سلمة قالت: فسمعت رسول الله في السحر وهو يضحك! فقلت: مم تضحك يا رسول الله؟ أضحك الله سنك. قال: تيب على أبي لبابة! قلت: أفلا أبشره يا رسول الله؟ قال: بلى إن شئت - وكان ذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب - فقمت على باب حجرتي فقلت:
يا أبا لبابة، أبشر، فقد تاب الله عليك!
فثار الناس إليه ليطلقوه، فقال: لا - والله - حتى يكون رسول الله هو الذي يطلقني بيده. فلما خرج رسول الله لصلاة الصبح أطلقه.
وبالإسناد تاما رواه الواقدي في مغازي الواقدي 2: 508.
وروى عن أم سلمة أيضا قالت: رأيت رسول الله يحل عنه رباطه، وإن رسول الله ليرفع صوته ويكلمه ويخبره بتوبته فما يدري كثيرا مما يقول، من الجهد والضعف.
ثم قال: ويقال... كان الرباط من شعر ولقد مكث خمس عشرة ليلة مربوطا، فكان الرباط قد حز في ذراعيه، فكان يداويهما دهرا بعد ذلك، وبعد ما برئ كان ذلك بينا في ذراعيه.
وروى عن الزهري قال: إنما ارتبط سبعا بين يوم وليلة، عند الأسطوانة التي عند باب أم سلمة، وكان ذلك في حر شديد، وهو لا يأكل فيهن ولا يشرب، حتى إنه ما كان يسمع الصوت من الجهد. هذا، ومحاصرة بني قريظة كانت بعد الخندق، وهي كانت في برد شديد، كما مر الخبر عنه في الصفحة: 526 فما بعدها.
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»
الفهرست