موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ٢ - الصفحة ١٩
ببطن من بطون الأنصار الا قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم فيقول لهم: خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة. فانطلقت به ورسول الله واضع لها زمامها، حتى انتهت إلى الموضع الذي ترى - وأشار بيده إلى باب مسجد رسول الله الذي يصلى عنده على الجنائز - فوقفت عنده وبركت ووضعت جرانها على الأرض، فنزل رسول الله.
وأقبل أبو أيوب مبادرا حتى احتمل رحله فأدخله منزله، ونزل رسول الله وعلي معه (عنده) حتى بني له مسجده وبنيت له مساكنه ومنزل علي (عليه السلام)، فتحولا إلى منازلهما (1).
سائر أخبار وصول الرسول:
نقل الطبرسي في " إعلام الورى " عن ابن شهاب الزهري قال: كان ناس من المهاجرين قد قدموا على (بني) عمرو بن عوف قبل قدوم رسول الله فنزلوا فيهم.. فلما أقبل رسول الله ووافى ذا الحليفة سأل عن طريق بني عمرو بن عوف فدلوه.
فوافى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونزل، واجتمع إليه بنو عمرو بن عوف وسروا به، فنزل على شيخ صالح منهم مكفوف البصر هو كلثوم بن هدم. وبنو عمرو بن عوف من بطون الأوس. فأقبل رسول الله يتصفح الوجوه فلا يرى أحدا من الخزرج.. لما كان بينهم من الحروب والعداوة (2).

(١) روضة الكافي: ٢٨٠.
(٢) وهنا قال الطبرسي: وروي: أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما قدم المدينة جاء النساء والصبيان فقلن: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع ثم يعود إلى أخبار الرسول في قباء، بينما هذا الخبر عن نساء المدينة، فهو يقحمه بين أخبار قباء.
وقد خلت سيرة ابن إسحاق وابن هشام وتواريخ اليعقوبي والطبري والمسعودي عن هذا الخبر. ولعل أول من نقله هو البيهقي (ت ٤٥٨) في دلائل النبوة ٢: ٢٣٣ ثم ابن حجر (ت ٨٥٢) في فتح الباري ٧: ٢٠٤ ثم السمهودي (ت ٩١١) في وفاء الوفاء ٤:
١١٧٢ ثم الديار بكري (ت ٩٨٢) في تاريخ الخميس ١: ٣٤١ ثم الحلبي (ت ١٠٤٤) في سيرته ٢: ٥٤.
والسمهودي نقلها وقال: ولم أر لثنية الوداع ذكرا في سفر من الأسفار التي بجهة مكة.
وقد قال قبله ياقوت الحموي (ت ٦٢٦) في معجم البلدان ٢: ٨٥: الثنية: كل عقبة في الجبل مسلوكة، وثنية الوداع - بفتح الواو - ثنية مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة، سمي لتوديع المسافرين. وكذلك في مراصد الاطلاع ١: ٣٠١.
فقال السمهودي يرده: إن ثنيات الوداع ليست من جهة مكة ولا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولا يمر بها الا إذا توجه إلى الشام فهي من جهة الشام. والظاهر أن مستند من جعلها من جهة مكة ما سبق من قول النسوة، وأن ذلك عند القدوم في الهجرة. ودور بني ساعدة في شامي المدينة، فلعله دخل المدينة من تلك الناحية.
ولكن من نقل الخبر قال: ثم عدل ذات اليمين حتى نزل بقباء. فهل مر على بني ساعدة في المدينة قبل نزوله بقباء؟! هذا من المستبعد جدا.
وروى ابن شبة في تاريخ المدينة ١: ٢٦٩ بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري: انما سميت ثنية الوداع لأن رسول الله أقبل من خيبر ومعه المسلمون ومعهم أزواجهم بالمتعة فقال لهم: دعوا ما بأيديكم من نساء المتعة. فأرسلوهن فسميت ثنية الوداع، لتوديع النساء اللاتي استمتعوا بهن، كما في وفاء الوفاء 2: 275 وخلاصته: 361. فليست من قبل مكة، ولا كانت عند الهجرة بهذا الاسم. ويقال لها اليوم: كشك يوسف پاشا العثماني لأنه هو الذي نقر الثنية ومهد طريقها سنة 1914 م كما في هامش تاريخ المدينة.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست