بنت عتبة وصواحبها، مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير، إذ مالت الرماة إلى العسكر وخلوا ظهورنا للخيل فأتينا من خلفنا، وصرخ صارخ: ألا إن محمدا قد قتل! فانكفأنا وانكفأ القوم علينا، بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم.
ثم قال ابن هشام: الصارخ هو الشيطان (أزب العقبة) (1).
فابن إسحاق من دون أن يصرح بأن الصارخ هو الشيطان جمع بين اتيان القوم من خلف المسلمين وصرخة الصارخ فجعلهما السبب معا في تراجع المسلمين ثم تراجع المشركين عليهم.
ولم يذكر ابن إسحاق الشيطان (وانما ابن هشام) بل صرح بأن القائل هو ابن قمئة: لقول ابن قمئة لهم: إني قد قتلت محمدا (2). وروى عن القاسم بن عبد الرحمان من بني النجار: أن رجالا من المهاجرين والأنصار منهم عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله اعتذروا عن جلوسهم واستسلامهم للأمر الواقع لما قال لهم أنس بن النضر: ما يجلسكم؟ قالوا: قتل رسول الله. وهو قال: فماذا تصنعون بالحياة بعده؟! قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله (3)، مما يفيد أنهم اتخذوا الصرخة ذريعة للقعود عن القتال.
ولكن الواقدي قد كرر الخبر عن صرخة إبليس في أربعة مواضع بدأها بالرواية عن رافع بن خديج قال: لما انصرف الرماة وبقي من بقي، نظر خالد بن الوليد إلى خلأ الجبل وقلة أهله، فكر عليهم بالخيل وتبعه عكرمة في الخيل، فانطلقا إلى بعض الرماة فحملوا عليهم، فراموا القوم حتى أصيبوا، ورامي عبد الله