أقسم عليك أن نلقى العدو غدا فيقتلونني ويبقرونني ويمثلون بي، فألقاك مقتولا قد صنع بي ذلك فتقول: فيم صنع بك هذا؟ فأقول: فيك. وأنا أسألك - يا رسول الله - أخرى، وهي أن تلي تركتي بعدي. فقال رسول الله: نعم.
فبرز يوم أحد فقاتل حتى قتل، ومثل به كل المثل (1).
وقال الواقدي: قالوا: مر مالك بن الدخشم على خارجة بن زيد بن أبي زهير - وهو قاعد وبه ثلاثة عشر جرحا كلها قد خلصت إلى مقتل - فقال له: أما علمت أن محمدا قد قتل! فقال خارجة: فإن كان قد قتل فإن الله حي لا يموت، فقد بلغ محمد، فقاتل عن دينك!
ومر على سعد بن الربيع - وبه اثنا عشر جرحا كلها قد خلصت إلى مقتل - فقال له: أما علمت أن محمدا قد قتل! فقال سعد بن الربيع: أشهد أن محمدا قد بلغ رسالة ربه، فقاتل عن دينك، فإن الله حي لا يموت.
ومر أنس بن النضر بن ضمضم - عم أنس بن مالك - على رهط من المسلمين قعود وفيهم عمر بن الخطاب، فقال لهم: ما يقعدكم؟ قالوا: قتل رسول الله، قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه. ثم قاتل حتى قتل.
وأقبل ثابت بن الدحداحة والمسلمون أوزاع (متفرقون) قد سقط في أيديهم، فجعل يصيح: يا معشر الأنصار، إلي إلي أنا ثابت بن الدحداحة، إن كان محمد قد قتل فإن الله حي لا يموت، فقاتلوا عن دينكم، فإن الله مظهركم وناصركم! فنهض إليه نفر من الأنصار فجعل يحمل بمن معه من المسلمين على المشركين، فوقفت لهم منهم كتيبة خشناء فيها رؤساؤهم: خالد بن الوليد،