موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي - ج ٢ - الصفحة ١٢٩
رايتكم. فدفعوها إليه.
وأقبلت قريش يقدمها إبليس في صورة سراقة بن مالك معه الراية.
وقال أبو جهل لقريش: عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا، وعليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة فنعرفهم ضلالتهم التي كانوا عليها!
ونظر إليهم رسول الله فقال لأصحابه:
غضوا أبصاركم، وعضوا على النواجذ، ولا تسلوا سيفا حتى آذن لكم.
ثم رفع يده إلى السماء وقال:
يا رب إن تهلك هذه العصابة لا تعبد، وإن شئت أن لا تعبد لا تعبد.
ثم اصابته الغشية ثم سري عنه وهو يسلت العرق عن وجهه ويقول لهم:
هذا جبرئيل قد أتاكم في ألف من الملائكة مردفين (1).
ونظر إبليس إلى جبرئيل فتراجع ورمى باللواء!
فأخذ منبه بن الحجاج بمجامع ثوبه ثم قال له: ويلك يا سراقة تفت في أعضاد الناس!.
فركله إبليس ركلة في صدره وقال: إني أرى ما لا ترون اني أخاف الله (2).

(١) وفي إعلام الورى ١: ١٦٨: وأيدهم الله بخمسة آلاف من الملائكة، وكثر الله المسلمين في أعين الكفار، وقلل المشركين في أعين المؤمنين كيلا يفشلوا. وكذلك في المناقب ١: ١٨٨.
(٢) جاءت الإشارة إلى ذلك في تفسير العياشي ٢: ٥٢ و ٦٥ عن زين العابدين والصادق (عليهما السلام) ونقل الطوسي في التبيان ٥: ١٣٥ عن الباقر والصادق (عليهما السلام)، والسدي وقتادة عن ابن عباس ولعله عن علي (عليه السلام) قال: ظهر لهم في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكناني المدلجي في جماعة من جنده وقال لهم: هذه كنانة قد أتتكم نجدة. فلما رأى الملائكة نكص على عقبيه، فقال الحارث بن هشام: إلى أين يا سراقة؟! فقال: اني أرى ما لا ترون. ونقله عن ابن إسحاق أيضا. وذلك في سيرته ٢: ٢٨ و ٣٢٣. وروى الطوسي خلاصته في أماليه: ١١ كما في بحار الأنوار ١٩: ٢٧٠ عن جابر.
ونقل الطبرسي في مجمع البيان ٤: ٨٤٤ عنهما (عليهما السلام) وعن الكلبي عن السدي عن ابن عباس، ولعله عن علي (عليه السلام) أيضا قال: أخذ إبليس بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه، فقال له الحارث: يا سراقة أين؟ أتخذلنا على هذه الحالة؟! قال له: اني أرى ما لا ترون! قال الحارث: والله ما نرى الا جعاسيس يثرب! فدفع إبليس في صدر الحارث وانطلق وانهزم الناس.
فلما قدموا مكة قالوا: إن سراقة هزم الناس!
فبلغ ذلك سراقة فقال: والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغتني هزيمتكم! فلما أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان. ونقل كلاما عن الشيخ المفيد في توجيه ذلك. ونقله ابن شهرآشوب في المناقب 1: 188 كما في مجمع البيان. ونقل الخبر عن ابن عباس الواقدي 1:
70، 71 وعن رفاعة بن رافع: 75.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست