والعرب، فان أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا، وإن أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري، فارجعوا.
فقال عتبة: والله ما أفلح قوم قط ردوا هذا! وأقبل يقول:
يا معشر قريش! أطيعوني اليوم واعصوني الدهر وارجعوا إلى مكة، واشربوا الخمور وعانقوا الحور، فان محمدا له إل وذمة، وهو ابن عمكم.
فارجعوا. ولا تنبذوا رأيي. وانما تطالبون محمدا بالعير التي أخذها محمد بنخيلة ودم ابن الحضرمي، وهو حليفي وعلي عقله (1).
فلما سمع أبو جهل ذلك غاضه وقال:
إن عتبة أطول الناس لسانا وأبلغهم في الكلام، ولئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش آخر الدهر.
ثم قال: يا عتبة! نظرت إلى سيوف بني عبد المطلب وجبنت وانتفخ سحرك (2) وتأمر الناس بالرجوع، وقد رأينا ثارنا بأعيننا!.
فنزل عتبة عن جمله وحمل على أبي جهل وهو على فرسه فعرقب فرسه وأخذ بشعره وقال: أمثلي يجبن؟! وستعلم قريش اليوم أينا ألأم وأجبن؟ وأينا المفسد لقومه! لا يمشي إلى الموت عيانا الا أنا وأنت! ثم أخذ يجره بشعره!
فاجتمع الناس يقولون: يا أبا الوليد! الله الله! لا تفت في أعضاد الناس تنهى عن شئ وتكون أوله.. حتى خلصوا أبا جهل من يده.
فذهب ولبس درعه، وطلبوا له بيضة تسع رأسه - وكان عظيم الهامة - فلم يجدوا. فاعتم بعمامتين. ثم أخذ سيفه ونظر إلى ابنه الوليد فقال: قم يا بني. فقام