فقام سعد بن معاذ فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله كأنك أردتنا؟
قال: نعم.
قال: فلعلك قد خرجت على أمر قد أمرت بغيره؟ قال: نعم.
قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إنا قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به حق من عند الله، فمرنا بما شئت، وخذ من أموالنا ما شئت واترك منها ما شئت، والذي أخذت منه أحب إلي من الذي تركت منه. والله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك.
فجزاه خيرا. ثم قال سعد:
بأبي أنت وأمي والله ما خضت هذا الطريق قط، وما لي به علم، وقد خلفنا بالمدينة قوما لسنا نحن بأشد جهادا لك منهم، ولو علموا أنه الحرب لما تخلفوا. ولكن نعد لك الرواحل ونلقى عدونا، فانا لصبر عند اللقاء أنجاد في الحروب، وإنا لنرجو أن يقر الله عينك بنا. فان يك ما تحب فهو ذلك، وإن يكن غير ذلك قعدت على رواحلك فلحقت بقومنا.
فقال رسول الله: أو يحدث الله غير ذلك، كأني بمصرع فلان ها هنا، وبمصرع فلان ها هنا، وبمصرع أبي جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، ونبيه ومنبه ابني الحجاج، فان الله وعدني إحدى الطائفتين، ولن يخلف الله الميعاد.