فقال: ومنهم أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي ذكر النجاشي لأبيه أحمد بن علي المذكور ترجمة وقال صنف كتابين أخبرنا بهما ابنه أبو الحسن رحمهما الله تعالى قال ولا يحضرني الآن رواية للنجاشي عن أبي الحسن بن أحمد بن شاذان الا في هذا الموضع ولم يسمه فيه بل اكتفى بكنيته وقد سماه ونسبه وعظمه الشيخ المتكلم الفقيه القاضي أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي في كتاب كنز الفوائد قال في عدة مواضع منه حدثنا الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي رضي الله عنه مشائخه في رجال بحر العلوم عن كنز الفوائد للكراجكي أنه يروي عن أبيه احمد وعن خال أبيه وأمه على اختلاف في مواضع الكتاب وهو الشيخ أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه وعن أبي الحسين محمد بن عثمان بن عبد الله النصيبي وعن نوح بن أحمد بن أيمن وغيرهم.
تلاميذه منهم الكراجكي كما سمعت وفي رجال بحر العلوم قال اي الكراجكي وقرأت عليه كتابه المعروف بايضاح دقائق النواصب بمكة في المسجد الحرام سنة 412 وذكر له كتابا آخر قال في بعض رواياته أخبرنا بها في المسجد الحرام محاذي المستجار مؤلفاته 1 إيضاح دقائق النواصب 2 بستان الكرام نقل الشيخ عماد الدين الطوسي في كتابه ثاقب المناقب حديثين عن الجزء السادس والثمانين من كتاب البستان تصنيف المذكور والله العالم ببقية أجزائه 3 مائة منقبة. 212:
أبو المظفر محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الأموي المعاوي الشاعر الأبيوردي مات بأصبهان 20 ربيع الأول سنة 507 وقال أبو الفتح البستي يرثيه:
إذا ما سقى الله البلاد وأهلها * فخص بسقياها بلاد أبيورد فقد أخرجت شهما خطيرا بأسعد * مبرا على الأقران كالأسد الورد فتى قد سرت في سر أخلاقه العلى * كما قد سرت في الورد رائحة الورد والأبيوردي نسبة إلى أبيورد بفتح أوله وكسر ثانيه وياء ساكنة وفتح الواو وسكون الراء ودال مهملة مدينة بخراسان وقد ولد المترجم في قرية من قراها اسمها كوفن تقع على بعد ستة فراسخ من أبيورد نفسها بينها وبين مدينة نسا. وأول من سكن كوفن من أجداد المترجم هو معاوية الأصغر بن محمد. وفي كوفن يقول الأبيوردي:
سقى الله رملي كوفن صيب الحيا * ولا برحا مستن راع ورائد ويقول أيضا:
أأستنشق الريح علوية * أجل وبكوفن أهلي ومالي ويقول:
وتلك دار ورثناها معاوية * لكن كوفن ألقانا بها الزمن والمعاوي نسبة إلى معاوية الأصغر. وهو معاوية بن محمد بن أبي العباس عثمان بن عنبسة بن عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف.
لم تمنع أموية الأبيوردي من تشيعه، كما أنها لم تمنع أبا الفرج الأصفهاني من ذلك، وقد قرأ له ياقوت الحموي وهو المصدر الأول لكل من كتب عنه، قصيدة بخطه في رثاء الحسين يقول فيها:
فجدي وهو عنبسة بن صخر برئ من يزيد ومن زياد وإذا عرفنا أن ياقوتا لا يمكن أن يتهم بنسبة التشيع إلى الأبيوردي لأن ياقوتا كان متعصبا على الشيعة، عرفنا أن حذف تلك القصيدة من ديوانه بعد ذلك إنما كان للعصبية كما جرى في كثير من الكتب.
ويقول الدكتور ممدوح حقي في كتابه عن الأبيوردي عن هذا الموضوع: وياقوت على ما يذكر ابن خلكان كان متعصبا على علي وجرت له مناظرة في دمشق مع متشيع بغدادي وهرب منها بعد فتنة، فلا يعقل أن يتعصب للأبيوردي ويروي له ذلك من غير تحقيق ليحشره في زمرة الشيعة ونضيف نحن إلى ذلك: لا سيما وأن ياقوتا يؤكد أنه قرأ القصيدة بخط الأبيوردي نفسه.
أخباره ولد بكوفن وانتقل منها إلى أبيورد حيث درس وحصل، ثم تنقل في البلاد واتصل بالملوك والرؤساء ومدحهم لا سيما نظام الملك الذي أدناه اليه. وبعد موت الاسفرائيني خازن المدرسة النظامية تولى منصبه عام 498 ويبدو أنه كان هناك من يحسده ويدس عليه لدى الخليفة وحكام بغداد فترك بغداد نازحا إلى أصفهان وقد ضاقت أحواله حتى اضطر لأن يعمل مؤدبا لأولاد زين الملك برسق. ثم كتب إلى المستظهر في بغداد يعتذر عن فراره وما لبث أن عاد إلى بغداد وراح يتصل بملوك العراق وأمرائه فأقبلت عليه الدنيا حتى قال عنه ياقوت: لقد حصل للأبيوردي بعد ما تراه من شكوى الزمان في أشعاره مما أنتجه بالشعر من ملوك خراسان ووزرائها وخلفاء العراق وأمرائها ما لم يحصل للمتنبي في عصره ولا لابن هاني في مصره.
ثم يصف وصوله إلى سيف الدولة صدقة بن دبيس في مدينة الحلة نقلا عن أحد المشاهدين فيقول: لما قدم الحلة على سيف الدولة صدقة ممتدحا له ولم يكن قبلها اجتمع به قط، خرج سيف الدولة لتلقيه، فاقبل الأبيوردي راكبا في جماعة كثيرة من أتباعه منهم من المماليك الترك ثلاثون غلاما ووراءه سيف مرفوع وبين يديه ثمان جنائب بالمراكب والسرافسارات الذهب وعددنا ثقله فكان على واحد وعشرين بغلا، وكان مهيبا محترما محترما جليلا عظيما لا يخاطب إلا بمولانا. فرحب به سيف الدولة وأظهر له من البر والاكرام ما لم يعهد مثله في تلقي أحد ممن كان يتلقاه. وأمر بانزاله وإكرامه وحمل إليه خمسمائة دينار وثلاثة حصن وثلاثة أعبد. وكان الأبيوردي قد عزم على إنشاد سيف الدولة قصيدته التي يقول فيها:
وفي أي عطفيك التفت تعطفت * عليك به الشمس المنيرة والبدر في يوم عينه. ولم يكن سيف الدولة أعد له بحسب ما كان في نفسه أن يلقاه به ويجيزه على شعره، فاعتذر إليه ووعده يوما غير ذلك اليوم ليعد ما يليق بمثل إجازته مما يحسن به بين الناس ذكره ويبقى على مر الزمان