وكان صلى الله عليه وسلم يجلس على المنبر ويضع رجليه على الدرجة الثانية فلما ولى أبو بكر رضي الله تبارك وتعالى عنه قام على الدرجة الثانية ووضع رجليه على الدرجة السفلى فلما ولى عمر رضي الله تبارك وتعالى عنه قام على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض إذا قعد فلما ولى عثمان رضي الله تبارك وتعالى عنه فعل ذلك ستة سنين من خلافته ثم علا إلى موضع النبي صلى الله عليه وسلم وكسا المنبر قبطيه وكان أول من كساه فسرقتها امرأة، فأتي بها فقال لها: سرقت؟ قولي: لا فاعترفت فقطعها وكساه معاوية ابن أبي سفيان بعد عثمان رضي الله تبارك وتعالى عنه لما حج ثم كساه عبد الله بن الزبير رضي الله تبارك وتعالى عنهما فسرقتها امرأة فقطعها كما قطع عثمان رضي الله تبارك وتعالى عنه وكساه الخلفاء من بعده.
وكان طول المنبر ذراعان في السماء وثلاثة أصابع وعرضه ذراع راجح وطول صدره وهو مسند النبي صلى الله عليه وسلم ذراع وطول رمانتي المنبر اللتين كان يمسكهما بيديه الكريمتين إذا جلس شبر وإصبعان وعدد درجاته ثلاث بالمقعد وفيه خمسة أعواد من جوانبه الثلاثة.
فلما كان في خلافة معاوية رضي الله تبارك وتعالى عنه زاد مروان ابن الحكم وهو على المدينة في المنبر من أسفله ست درجات ورفعوه عليها فصار المنبر تسع درجات بالمجلس فصار طوله بعد الزيادة أربعة أذرع ومن أسفل عتبته إلى أعلاه تسعة أذرع وشبر.
ثم تعاقب المنبر النبوي على طول الزمان فجدده بعض خلائف بني العباس منبرا واتخذ من بقايا أعواد المنبر النبوي أمساطا للتبرك بها فلم يزل المنبر المجدد حتى أحرق ليلة حريق المسجد أول ليلة من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وستمائة فبعث المظفر يوسف صاحب اليمن منبرا في سنة ست وستين فخطب عليه مائة واثنتان وثلاثون سنة إلى أن بعث الظاهر برقوق من مصر منبرا في سنة سبع وتسعين وسبعمائة.
(خرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله القارئ القرشي الإسكندراني حدثنا أبو حازم بن دينار قال: إن رجالا أبو سهل رضي الله