وقوله: وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام لسرعة إسخانه والاستلذاذ به وإشباعه وتقديمه على غيره من الأطعمة التي تقوم مقامه وليس هذا نص بتفضيلها على من ذكر من مريم وآسية ويحتمل مساويها أو مثلها قال مؤلفه رحمه الله: قد ثبت لمريم من الفضل ما لم يثبت لغيرها من النساء قال تعالى: (وإذا قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك) أي اختارك وطهرك أي من الكفر أو من سائر الأنجاس واصطفاك على العالمين وقال عليه السلام ولم يكمل من النساء إلا مريم وخديجة وكان الكمال هنا هو النبوة ويؤيده أن الله أوحى إليها بواسطة الملك كما أوحى إليها كسائر الأنبياء وكلمها روح القدس وطهرها ونفخ في درعها وسماها الله الصديقة. وممن قال بنبوتها ابن وهب واختاره أبو إسحاق الزجاج وأبو بكر بن اللباء فقيه المغرب وأبو محمد بن أبي زيد وأبو المحاسن الفاسي.
وأما المفاضلة بين خديجة وعائشة رضي الله تبارك وتعالى عنهما ففيها ثلاثة أقوال ثالثها الوقف قال القاضي والمتولي: إن خديجة أفضل من عائشة واستدل أبو بكر بن داود لما سئل عن ذلك بأن عائشة أقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام من جبريل و خديجة أقرأها جبريل السلام على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فهي أفضل قال فريق: بل عائشة أفضل لدوام صحبتها للنبي صلى الله عليه وسلم بعد النبوة وطول مدتها إلى موته لقوله صلى الله عليه وسلم: أريتك في المنام ثلاث ليال جائني ملك الموت في سرقة حرير فيقول هذه امرأتك فاكشف عن وجهها فإذا أنت هي فأقول أن ذلك من عند الله امضه.
وخرجه في الصحيحين ووجه الدلالة منه قوله هذه امرأتك لأنها كانت حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام وسأله عمرو بن العاص أي الناس أحب إليك قال عائشة: إلى غير ذلك من فضائل كثيرة وأجيب بأنه ليس كسائر فضائل عائشة ما يبلغ قوله بخير نسائها خديجة وقوله أفضل نساء العالمين خديجة فإنه صريح في بابه فتأمله من