إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ١٠ - الصفحة ١٢٣
وأما أنه كان له مؤذنان بمسجده صلى الله عليه وسلم فخرج مسلم (1) من حديث عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله تبارك وتعالى عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم الأعمى وخرجه من طريق عبيد الله (2) حدثنا القاسم عن عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنهما مثله.
وأخرجه أيضا بأتم من هذا ولم يذكر البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له مؤذنان.
ولمسلم (3) من حديث محمد بن جعفر حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها قالت: كان ابن أم مكتوم رضي الله تبارك وتعالى عنه يؤذن لرسول صلى الله عليه وسلم وهو أعمى.

(1) (مسلم بشرح النووي) 4 / 324 كتاب الصلاة باب (4) استحباب اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد حديث رقم (7).
(2) (المرجع السابق) الحديث الذي بين رقمي (7، 8) بدون رقم.
(3) (المرجع السابق) باب (5) جواز أذان الأعمى إذا كان معه بصير حديث رقم (8) قال الإمام النووي وفي هذا الحديث استحباب اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد يؤذن أحدهما قبل طلوع الفجر والآخر عند طلوعه كما كان بلال وابن مكتوم يفعلان قال أصحابنا فإذا احتاج إلى أكثر من مؤذنين اتخذ ثلاثة وأربعة فأكثر بحسب الحاجة وقد اتخذ عثمان رضي الله تبارك وتعالى عنه أربعة للحاجة عند كثرة الناس قال أصحابنا ويستحب أن لا يزاد على أربعة إلا لحاجة ظاهرة قال أصحابنا وإذا ترتب للأذان اثنان فصاعدا فالمستحب أن لا يؤذنوا دفعة واحدة بل إن اتسع الوقت ترتبوا فيه فإن تنازعوا في الابتداء به أقرع بينهم وإن ضاق الوقت فإن كان المسجد كبيرا أذنوا متفرقين في أقطاره وإن كان ضيقا وقفوا معا وأذنوا وهذا إذا لم يؤد اختلاف الأصوات إلى تهويش فإن أدى إلى ذلك لم يؤذن إلا واحد فإن تنازعوا أقرع بينهم وأما الإقامة فإن أذنوا على الترتيب فالأول أحق بها إن كان هو المؤذن الراتب أو لم يكن هناك مؤذن راتب فإن كان الأول غير المؤذن الراتب فأيهما أولى بالإقامة فيه وجهان لأصحابنا أصحهما أن الراتب أولى لأنه منصبه ولو أقام في هذه الصور غير له ولاية الإقامة اعتد به على المذهب الصحيح المختار الذي عليه جمهور أصحابنا وقال بعض أصحابنا لا يعتد به كما لو خطب بهم واحد وأم بهم غيره فلا يجوز على قول وأما إذا أذنوا معا فإن اتفقوا على إقامة واحد وإلا فيقرع قال أصحابنا رحمهم الله ولا يقيم في المسجد الواحد إلا واحد إذا لم تحصل الكفاية بواحد وقال بعض أصحابنا لا بأس أن يقيموا معا إذا لم يؤد إلى التهويش.
وفي باب جواز أذان الأعمى إذا كان معه بصير فيه حديث عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها كان ابن أم مكتوم يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى وقد تقدم معظم فقه الحديث في الباب قبله ومقصود الباب أن أذان الأعمى صحيح وهو جائز بلا كراهة إذا كان معه بصير كما كان بلال وابن أم مكتوم قال أصحابنا ويكره أن يكون الأعمى مؤذنا وحده والله أعلم.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست