الرابعة والخمسون أنه قد أقر ببعثه صلى الله عليه وسلم جماعة قبل ولادته وبعدها وقبل مبعثه.
كورقة بن نوفل وحبيب بن النجار وتبع وغيرهم كما تقدم ذكره فيما سلف (1)
(1) أفرد الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في الفصل السادس من (دلائل النبوة) وترجم عليه توقع الكهان وملوك الأرض بعثته صلى الله عليه وسلم ويشمل على (5) أحاديث تضمنت قول سيف بن ذي يزن عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا زمنه الذي يولد فيه اسمه محمد بين كتفيه شامة يموت أبوه وهو في بطن أمه ويكفله جده وعمه وقد وجدناه مرارا والله باعثه جهادا وجاعل له منا أنصارا يعزبهم أولياءه وبذل بهم أعداءه ويضرب بهم الناس عن عرض ويستبيح بهم كرائم الأرض ويعبد الرحمن ويدحر الشيطان ويخمد النيران ويكسر الأوثان قوله فصل وحكمه عدل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويبطله.
قال عبد المطلب نعم أيها الملك أنه كان لي ابن كنت به عجبا وعليه رقيقا فزوجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة فجاءت بغلام سميته محمدا مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه بين كتفيه شامة وفيه كل ما ذكرت من علامة.
قال سيف بن ذي يزن إن الذي ذكرت لك كما ذكرت لك فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون له الرياسة فيبغون له الغوائل وينصبون له الحبائل وهم فاعلون أو أنباؤهم ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت إليه بخيلي ورجلي حتى أصير يثرب دار ملكي فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب استحكام أمي وموضع قبره وأهل نصرته ولوى أني أمه من الآفات واحذر عليه العاهات ولأوطأت أسنان العرب كعبة ولأعلنت على حدثة من سنه ذكره ولكني صارف إليك ذلك من غير تقصير بمن معك.
ثم أجزل لهم العطاء وقال لعبد المطلب إذا كان رأس الحول فأتيني عجبره وما يكون من أمره فهلك ابن ذي يزن قبل رأس الحول وكان عبد المطلب يقول لا يغبطني يا معشر قريش رجل منكم بجزيل عطاء الملك وإن كثر فإنه إلى تفاد ولكن ليغبطني بما يبقى لي شرفه وذكره ولعقبي من بعدي وكان إذا قيل له ما ذاك؟ قال: سيعلن ولو بعد حين (يبغي نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم) دلائل أه نعيم): 1 / 97 - 99 حديث رقم (50) مختصرا.
ومن ذلك قول زيد بن عمرو بن نفيل لعامر بن ربيعة فأنا انتظر نبيا من ولد إسماعيل من بني عبد المطلب اسمه أحمد ولا أراني أدركه فأنا يا عامر أومن به وأصدقه وأشهد أنه نبي فإن طالت بك المدة فرأيته فاقرئه من السلام وسأخبرك يا عامر ما نعته حتى لا تخفى عليك قلت هلم قال هو رجل ليس بالقصير ولا بالطويل ولا بكثير الشعر ولا بقليله وليس تفارق عينه حمرة وخاتم النبوة بين كتفيه واسمه أحمد وهذا البلد مولده ومبعثه حتى يخرجه قومه منها ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره فإياك أن تخدع عنه فإني بلغت البلاد كلها أطلب دين إبراهيم الخليل عليه السلام وكل من أسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقول هذا الدين وراءك وينعتونه مثل ما نعته لك ويقولون لم يبق نبي غيره (المرجع السابق) حديث رقم (53) مختصرا.
ومن ذلك قول قس بن ساعدة الإيادي أن لله دينا هو أحب الأديان إليه من دينكم الذي أنتم عليه مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون ارضوا بالمقام هناك فأقاموا؟ أم تركوا هناك فناموا؟ ثم قال أقسم قسما برا لا إثم فيه ما لله على الأرض وبين هو أحب عليه من دين أظلكم إبانه وأدر لكم أوانه طوبى لمن أدركه فاتبعه وويل لمن أدركه ففارقه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله قس بن سعادة لأرجو أن يأتي يوم القيامة أمة واحدة (المرجع السابق) حديث رقم (55) مختصرا (دلائل البيهقي): 3 / 103.
وأما مقالة ورقة بن نوفل لخديجة رضي الله عنها حين جاء الوحي أول مرة للنبي صلى الله عليه وسلم فمشهورة أمسكنا عن ذكرها لاشتهارها خشية الإطالة وهي مبثوثة في كتب السيرة في أبواب (كيف كان بدء الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم).