وأما محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى: (يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) وقال تعالى: (لأنذركم به ومن بلغ) وقال تعالى: (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده) وقال: (قل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد) وفي آيات كثيرة تدل على عموم رسالته ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة أنه أول نبي بعث إلى أهل الأرض إلى الثقلين فأمر الله تعالى أن ينذر جمع خلقه إنسهم وجنهم عربهم وعجمهم فقام صلوات الله وسلامه عليه بما أمر به ربه في ذلك وبلغ رسالته وقد تقدم هذا كله فيما سلف.
الثامنة: جعلت له صلى الله عليه وسلم ولأمته الأرض مسجدا وطهورا ومعنى ذلك في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في (مسنده) أن من كانوا قبلنا كانوا لا يصلون في مساكنهم وإنما كانوا يصلون في كنائسهم.
وقوله صلى الله عليه وسلم وطهورا يعني به التيمم فإنه لم يكن في أمة قبلنا وإنما شرع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأمته توسعا ورحمة وتخفيفا.
التاسعة: أحلت له صلى الله عليه وسلم الغنائم ولم تحل لأحد قبله وكان من قبله صلى الله عليه وسلم إذا غنموا أشياء أخرجوا منه شيئا فوضعوه في ناحية فتزل نار من السماء فتحرقه وقد وقع ذلك في الصحيح من رواية أبي هريرة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي غزا وحبس له الله الشمس قال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يراد أنه صلى الله عليه وسلم يتصرف فيها كيف يشاء ويقسمها كما أراد في قوله تعالى: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول).
ويحتمل أن يراد لم يحل شئ منها لغيره صلى الله عليه وسلم وأمته وفي بعض الأحاديث ما يقر ظاهره بذلك ويحتمل أن يراد بالغنائم بعضها وفي بعض