القسم الثاني: التحقيقات المتعلقة بالنكاح وفيه مسائل:
الأولى: أبيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع أكثر من أربع نسوة وهو ثابت بالإجماع ولأنه لما كان يفضله على العبد يستبيح من النسوة أكثر ما يستبيحه العبد وجب أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يستبيح من النساء أكثر ما تستبيحه الأمة وقد قيل له في قوله تعالى: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) أن المراد بالناس النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم حسدوه على نكاح تسع نسوة وقالوا: هلا شغلته النبوة عن النساء فأكذبهم الله تعالى وقال: كان لسليمان الملك العظيم ولم يشغله عن النبوة وكان له ألف حرة ومملوكة وكان له تسع وتسعون زوجه وحكاه الإمام أبو نصر عبد الرحيم القشيري في كتاب (التيسير في التفسير) واعترض هذا بأنه لو كان الحكمة في ذلك ما ذكر من التفضيل للزم أن يفضل سليمان على نبينا وليس الأمر كذلك وقد اتفقوا على إباحة تسع نسوة له صلى الله عليه وسلم. واختلف أصحابنا في جواز الزيادة على ذلك فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز له الزيادة لأن أصل استواؤه صلى الله عليه وسلم وأمته في الأحكام لكن ثبت له جواز الزيادة إلى تسع فقصر عليه وأصحهما وبه قطع الماوردي والجواز لأنه مأمون الجور ولظاهر قوله تعالى ﴿إنا أحللنا لك أزواجك﴾ (١).
وقد قيل: إنه كان عنده التخيير عشر نسوة العاشرة بنت الضحاك التي اختارت نفسها وذكر الواقدي كما تقدم: أن ريحانة زوجة مدخول بها محجوبة.
فعلى هذا قد اجتمع عنده صلى الله عليه وسلم عشر زوجات وادعى من قال بانحصار الحل في التسع أن قوله تعالى: ﴿لا يحل لك النساء من بعد﴾ (2) ناسخ لحل الزيادة فحرم عليه أن يتزوج عليهن لكونهن اخترنه وحرم عليهن أن يتزوجن بغيره.