وخرجه البيهقي عن سعيد ثنا عبيد الله بن أبي أحمد النهلي عن أبي المليح عن أنس قال: الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون (1).
(1) وأخرجه الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة): 2 / 187 - 191، حديث رقم (6210) وابن عدي في (الكامل) والبيهقي في (حياة الأنبياء) عن الحجاج بن الأسود عن ثابت البناني عن أنس مرفوعا به وقال البيهقي: " يعد في أفراد الحسن بن قتيبة " وقال ابن عدي " وله أحاديث غرائب حسان وأرجو أنه لا بأس به كذا قال ورده الذهبي بقوله " قلت بل هو مالك قال الدارقطني في رواية البرقاني عنه متروك الحديث وقال أبو حاتم ضعيف وقال الأزدي واهي الحديث وقال العقيلي كثير الوهم قلت:
وأقره الحافظ في اللسان وبقية رجال الإسناد ثقات ليس فيهم من ينظر فيه غير الحجاج ابن الأسود فقد أورده الذهبي في " الميزان " وقال نكرة ما روى عنه فيما أعلم - سوى مسلم بن سعيد فأتى بخبر منكر عنه عن أنس في أن الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون رواه البيهقي لكن تعقبه الحافظ في (اللسان) فقال عقبة وإنما هو حجاج بن أبي زياد الأسود يعرف ب (زق العسل) وهو بصري كان ينزل القسامل روى عن ثابت وجابر بن زيد وأبي نضرة وجماعة وعنه جرير بن حازموحماد بن سلمة وروح بن عبادة وآخرون قال أحمد ثقة ورجل صالح وقال ابن معين ثقة، وقال أبو حاتم صالح الحديث وذكره ابن حبان في (الثقات) فقال حجاج بن أبي زياد الأسود من أهل البصرة ويتلخص منه أن حجاجا هذا ثقة بلا خوف وأن الذهبي توهم أنه غيره فلم يعرفه ولذلك استنكر حديثه ويبدو أنه عرفه فيما بعد فقد أخرج له الحاكم في (المستدرك): 4 / 332 حديثا آخر فقال الذهبي في (تلخيصه) قلت حجاج ثقة وكأنه لذلك لم يورده في كتابه (الضعفاء) ولا في (ذيله).
والله أعلم.
وجملة القول: أن هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف وأن علته إنما هي من الحسن ابن قتيبة المدائني ولكنه لم يتفرد به خلافا لما سبق ذكره عن البيهقي فقال أبو يعلى الموصلي في (مسنده) ثنا أبو الجهم الأزرق بن علي ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا المستلم بن سعيد به ومن طريق أبي يعلى أخرجه البيهقي قال: أخبرنا الثقة من أهل العلم قال: أنبأ أبو عمرو بن حمدان قال: أنبأ أبو يعلى الموصلي قلت: وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات غير الأزرق هذا قال الحافظ في التقريب صدوق يغرب ولم ينفرد به فقد أخرجه أبو نعيم في (أخبار أصبهان) من طريق عبد الله بن إبراهيم بن الصباح هذا ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وعبد الله بن محمد بن يحيى بن أبي بكير فترجمه للخطيب وقال سمع جده يحيى بن أبي بكر قاضي كرمان..... وكان ثقة فهذه متابعة قوية للأزرق تدل على أنه قد حفظ وهو حديث صحيح ولكنه لم يبين وجهه وقد كفيناك مؤنته والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
هذا وقد كنت برهة من الدهر أرى أن هذا الحديث ضعيف لظني أنه مما تفرد به ابن قتيبة كما قال البيهقي ولم أكن قد وقفت عليه في (مسند أبي يعلى) و (أخبار أصبهان) فلما وقفت على إسناده فيهما تبين لي أنه إسناد قوي وأن التفرد المذكور غير صحيح ولذلك بادرت إلى إخراجه في هذا الكتاب تبرئه للذمة وأداء للأمانة العلمية ولو أن ذلك قد يفتح الطريق لجاهل أو حاقد إلى الطعن والغمز واللمز فلست أبالي بذلك ما دمت أني أقوم بواجب ديني أرجو صوابه من الله تعالى وحده.
فإذا رأيت أيها القارئ الكريم في شئ من تأليفي خلاف هذا التحقيق فاضرب عليه واعتمد هذا وعض عليه بالنواجذ فإني لا أظن أنه يتيسر لك الوقوف على مثله والله ولي التوفيق.
ثم إعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام وإنما هي حياة برزخية ليست من حياة الدنيا في شئ ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالآراء كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية.
قال: يأكل ويشرب ويجامع النساء!! وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى.
وأخرجه ابن حجر في (لسان الميزان) 2 / 304 حديث رقم (2556).
وأخرجه أيضا أبو عبد الله الذهبي في (ميزان الاعتدال): 1 / 518 حديث رقم (1933) وأخرجه أيضا ابن حجر في (المطالب العالية): 3 / 269 باب حياة الأنبياء في قبورهم يصلون حديث رقم (3452).