قال: وهذا المسجد في الإسلام وفي أهله نزلت: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا﴾ (١): فهو على هذا هو المسجد الذي أسس على التقوى، وإن كان قد روى أبو سعيد الخدري رضي الله تبارك وتعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: مسجدي هذا. وفي رواية أخرى قال: وفي الآخر خير كثير.
وقد قال لبني عمرو بن عوف حين نزلت: ﴿لمسجد أسس على التقوى﴾ (٢): ما الطهور الذي من الله به عليكم؟ فذكروا له الاستنجاء بالماء بعد الاستجمار بالحجارة فقال: هو ذاكم فعليكموه. وليس بين الحديثين تعارض كلاهما أسس على التقوى، غير أنه قوله سبحانه: ﴿من أول يوم﴾ (3) يقتضي مسجد قباء لأن تأسيسه كان من أول يوم من حلول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار هجرته والبلد الذي هو مهاجره قلت: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تبارك وتعالى عنه. الذي أشار إليه أبو القاسم السهيلي خرجه مسلم (4) من طريق يحيى بن سعيد عن حميد الخراط قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن قال: مر بي عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري قال: فقلت:
كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض ثم قال: هو مسجدكم هذا لمسجد المدينة قال:
فقلت: أشهد أني سمعت أباك هكذا ذكره.
وذكره من طريق حاتم بن إسماعيل عن حميد عن أبي سلمة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثلة. ولم يذكر عبد الرحمن بن أبي سعيد في الإسناد (5) ذكره في كتاب الحج.