سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خير نسائها مريم ابنة عمران وخير نسائها خديجة وذكره في كتاب الأنبياء أيضا (1).
(1) (المرجع السابق): 6 / 582 كتاب أحاديث الأنبياء باب (45) (وإذا قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون). (آل عمران: 42 - 44) يقال (يكفل):
بضم. كفلها: ضمها مخففة ليس من كفالة الديون وشيبها حديث رقم (3432).
قوله: (خير نسائها مريم): أي نساء أهل الدنيا في زمانها وليس المراد أن مريم خير نسائها لأنه يصير كقولهم زيد أفضل إخوانه وقد صرحوا بمنعه فهو كما لو قيل فلان أفضل الدنيا. وقد رواه النسائي من حديث ابن عباس بلفظ أفضل نساء أهل الجنة فعلى هذا فالمعنى خير نساء أهل الجنة مريم وفي رواية خير نساء العالمين وهو كقوله تعالى: (واصطفاك على نساء العالمين) وظاهره أن مريم أفضل من جميع النساء وهذا لا يمنع عند من يقول إنها نبية.
وأما من قال ليست بنبية فيحمله على عالمي زمانها وبالأول جوم الزجاج وجماعة واختاره القرطبي ويحتمل أيضا أن يراد نساء بني إسرائيل أو نساء تلك الأمة أو فيه مضمرة والمعنى أنها من جملة النساء الفاضلات ويدفع ذلك حديث أبي موسى المتقدم بصبغة الحصر أنه يكمل من النساء غيرها وغير آسية.
قوله: (وخير نسائها خديجة) أي نساء هذه الأمة قال القاضي أبو بكر بن العربي:
خديجة أفضل نساء الأمة مطلقا لهذا الحديث وقد تقدم في آخر قصة موسى أبي موسى في ذكر مريم وآسية وهو يقتضي فضلهما على غيرهما من النساء ودل هذا الحديث على أن مريم أفضل من آسية وأن خديجة أفضل نساء هذه الأمة حيث قال: ولم يكمل من النساء أي من نساء الأمم الماضية إلا أن حملنا الكمال على النبوة فيكون على إطلاقه. وعند النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس " أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية " وعند الترمذي بإسناد صحيح عن أنس حسبك من نساء العالمين " فذكرهن. وللحاكم من حديث حذيفة " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ملك فبشره أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ".