وذكر البخاري في أول كتاب النكاح في باب اتخاذ السراري ومن أعتق جاريته ثم تزوجها حديث أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران. الحديث ثم قال: وقال أبو بكر عن أبي حصين عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها ثم أصدقها هكذا ذكره البخاري تعليقا.
وقد وصله البيهقي من هذا الطريق بلفظ: وإذا أعتق الرجل أمته ثم تزوجها بمهر جديد كان له أجران.
وذلك يدل على تحديد العقد بصداق غير عتق الأمة من رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف جدا عن أبي بكر بن عياش وهو حديث مشهور من رواية الثقات وليس فيه بمهر جديد أصلا بشرط أن ينكحها فلزمها الوفاء بخلاف غيره وهذا يقتضي إنشاء عقد بعد ذلك وهذا وجه ضعيف لأنه لم ينقل في رواية من الروايات فقيل: جعل نفس العتق صداقها وجاز له ذلك بخلاف غيره.
وهذا أورده الماوردي وهو الموافق لغالب الأحاديث واختاره الغزالي ويشكل على هذا ما حكاه أبو عيسى الترمذي عن الشافعي أنه جوز ذلك لآحاد الناس وهو وجه مشهور وقيل أعتقها بلا عوض وتزوجها بلا مهر لا في الحال ولا فيما بعد وهذا يقتضي أن يكون بلا مهر وسبقه إليه ابن الصلاح قال في (مشكله): أنه أصح وأقرب إلى الحديث وحكى عن أبي إسحاق. قال في (مشكله) وقطع به البيهقي فقال: أعتقها مطلقا.
قال ابن الصلاح: فيكون معنى قوله: وجعل عتقها صداقها أنه لم يجعل لها شيئا غير العتق فحل كل الصداق وإن لم يكن صداقا وهو من قبيل قولهم الجوع زاد من لا زاد له وقيل أعتقها على شرط أن يتزوجها فوجب له عليها قيمتها فتزوجها به وهي مجهولة وليس بغيره أن يتزوج بصداق مجهول حكاه الغزالي في (وسيطه) ولنا وجه في صحته: إصداق قيمة الأمة المعتقة المجهولة إذا أعتقها عليه بالنسبة إلينا وهو يرد على قول الغزالي في (وسيطه) ففيه خاصية بالاتفاق إلا أن يكون القائل بالصحة في حق غيره صلى الله عليه وسلم غير القائل