لكن في القواعد ذلك على إشكال في الأخير، وكأنه مما عرفت، ومن قاعدة الاحسان، وفيه أن الاحسان في رفعه لا في وضعه في مكان آخر ولو كان أقل سلوكا.
ولو وضع حجرا مع الحجر الذي جاء به السيل فعثر بهما انسان فمات أو انكسر أمكن التقسيط فيضمن النصف حينئذ ويهدر النصف الآخر وأمكن ضمان الجميع على الواضع، إلا أن الأول أوفق بالعدل وأصل البراءة وغيرهما.
نعم لو حفر بئرا إلى جانب هذا الحجر الذي جاء به السيل فتعثر انسان بذلك الحجر وسقط في البئر فالضمان جميعه على الحافر كما في القواعد، لتعديه بالحفر قرب الحجر المزبور مع تركه له، فكأنه هو الواضع له حينئذ، وإن قلنا بضمان الواضع دون الحافر فيما لو حفر أحدهما ووضع الآخر عدوانا كما عن المبسوط والمهذب والتحرير وغيرها لأنه حينئذ كالدافع والأسبق في الجناية وإن تأخر وضعه عن الحفر، ضرورة الفرق بينهما لتحقق العدوان فيهما بخلاف المقام الذي لا عدوان فيه إلا للحافر نحو الحجر المزبور، فدليل الضمان مختص به كما لو لم يكن ثم حجر فعثر ووقع في البئر، على أنه يمكن القول بضمان المتأخر منهما من العاديين فإن وضع الحجر قرب البئر بمنزلة الدفع لا مطلقا، بل لم يستبعده في كشف اللثام وإن كان ستعرف أن المشهور خلافه.
ولو تعدى أحدهما خاصة فالضمان عليه دون الآخر وهو واضح إلا إذا قلنا بالاشتراك فإن المتجه حينئذ ضمان النصف كما ستعرف تمام الكلام في ذلك إن شاء الله.
(وكذا) الكلام جميعه يجري فيما (لو حفر بئرا أو) حفر حفيرة ضرورة أنه كما لو (ألقي حجرا) فإن كان في ملكه أو في مكان مباح له التصرف فيه بذلك، ونحوه غير الطريق، لم يضمن وإلا ضمن على حسب ما سمعته سابقا في وضع الحجر بلا خلاف أجده فيه بينهم، بل عن ظاهر الغنية الاجماع عليه.