مساكنهم ويأخذ منهم الجزية فأجابهم إلى ذلك، فاشتروا حينئذ من أموال الفرنج وترك الفرنج أيضا أشياء كثيرة لم يمكنهم بيعها من الأسرة والصناديق والبتيات وغير ذلك وتركوا أيضا من الرخام الذي لا يوجد مثله من الأساطين والألواح والفص وغيره شيئا كثيرا ثم ساروا.
ذكر رحيل صلاح الدين إلى صور ومحاصرتها لما فتح صلاح الدين البيت المقدس أقام بظاهره إلى الخامس والعشرين من شعبان يرتب أمور البلد وأحواله وتقدم بعمل الربط والمدارس فجعل دار الاسبتار مدرسة للشافعية وهي في غاية ما يكون من الحسن فلما فرغ من أمر البلد سار إلى مدينة صور وكانت قد اجتمع فيها من الفرنج عالم كثير وقد صار المركيش صاحبها والحاكم فيها وقد ساسهم أحسن سياسة وبالغ في تحصين البلد ووصل صلاح الدين إلى عكا وأقام بها أياما فلما سمع المركيش بوصوله إليها جد في عمل سور صور وخنادقها وتعميقها ووصلها من البحر إلى البحر من الجانب الاخر فصارت المدينة كالجزيرة في وسط الماء لا يمكن الوصول إليها ولا الدنو منها.
ثم رحل صلاح الدين من عكا فوصل إلى صور تاسع شهر رمضان فنزل على نهر قريب [من] البلد بحيث يراه، حتى اجتمع الناس وتلاحقوا وسار في الثاني والعشرين من رمضان فنزل على تل يقارب سور البلد بحيث يرى القتال وقسم القتال على العسكر كل جمع منهم له وقت معلوم يقاتلون منه،