554 ثم دخلت سنة اربع وخمسين وخمسمائة ذكر ملك عبد المؤمن مدينة المهدية من الفرنج وملكه جميع أفريقية قد ذكرنا سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ملك الفرنج مدينة المهدية من صاحبها الحسن بن تميم بن المعز بن باديس الصنهاجي وذكرنا أيضا سنة إحدى وخمسين ما فعله الفرنج بالمسلمين في زويلة المجاورة للمهدية من القتل والنهب فلما قتلهم الفرنج ونهبوا أموالهم هرب منهم جماعة وقصدوا عبد المؤمن صاحب المغرب وهو بمراكش يستجيرونه فلما وصلوا إليه ودخلوا عليه أكرمهم وأخبروه بما جرى على المسلمين وأنه ليس في ملوك الإسلام من يقصد سواه ولا يكشف هذا الكرب غيره فدمعت عيناه وأطرق ثم رفع رأسه وقال أبشروا لأنصرنكم ولو بعد حين.
وأمر بإنزالهم وأطلق لهم ألفي دينار ثم أمر بعمل الروايا والقرب وما يحتاج إليه العساكر في السفر وكتب إلى جميع نوابه في الغرب وكان قد ملك إلى قريب تونس يأمرهم بحفظ جميع ما يتحصل من الغلات وأن يترك في سنبله ويخزن في مواضعه وأن يحفروا الآبار في الطرق ففعلوا جميع ما أمرهم به وجمعوا الغلات ثلاث سنين ونقلوها إلى المنازل وطينوا عليها فصارت كأنها تلال.
فلما كان في صفر من هذه السنة سار عن مراكش وكان أكثر أسفاره