ذكر قتل البرنس صاحب أنطاكية وهزيمة الفرنج في هذه السنة غزا نور الدين محمود بن زنكي بلاد الفرنج من ناحية أنطاكية وقصد حصن حارم وهو للفرنج فحصره وخرب ربضه ونهب سواده ثم رحل إلى حصن أنب فحصره أيضا، فاجتمعت الفرنج مع البرنس صاحب أنطاكية وحارم وتلك الأعمال وساروا إلى نور الدين ليرحلوه عن أنب فلقيهم واقتتلوا قتالا عظيما وباشر نور الدين القتال ذلك اليوم فانهزم الفرنج أقبح هزيمة وقتل منهم جمع كثير وأسروا مثلهم.
وكان ممن قتل البرنس ملك بعده ابنه بيمند وهو طفل فتزوجت أمه ببرنس آخر ليدبر البلد إلى أن يكبر ابنها وأقام معها بأنطاكية ثم إن نور الدين غزاهم غزوة أخرى فاجتمعوا ولقوه فهزمهم وقتل فيهم وأسر وكان فيمن أسر البرنس الثاني زوج أم بيمند فتمكن حينئذ بيمند بأنطاكية وأكثر الشعراء مديح نور الدين وتهنئته بهذا الظفر فإن قتل البرنس كان عظيما عند الطائفتين وممن قال فيه القيسراني الكاتب في القصيدة المشهورة التي أولها: