(هذي العزائم لا ما تدعي القضب * وذي المكارم لا ما قالت الكتب) (وهذه الهمم اللاتي متى خطبت * تعثرت خلفها الأشعار والخطب) (صافحت يا ابن عماد الدين ذروتها * براحة للمساعي دونها تعب) (ما زال جدك يبني كل شاهقة * حتى بنى قبة أوتادها الشهب) (أغرت سيوفك بالإفرنج راجفة * فؤاد رومية الكبرى لها يجب) (ضربت كبشهم منها بقاصمة * أودى بها الصلب وانحطت بها الصلب) (طهرت أرض الأعادي من دمائهم * طهارة كل سيف عندها جنب) ذكر الخلف بين صاحب صقلية وملك الروم في هذه السنة اختلف رجار الفرنجي صاحب صقلية وملك القسطنطينية وجرى بينهما حروب كثيرة ودامت عدة سنين فاشتغل بعضهم ببعض عن المسلمين ولولا ذلك لملك رجار جميع بلاد أفريقية.
وكان القتال بينهم برا وبحرا والظفر في جميع ذلك لصاحب صقلية حتى إن أسطوله في بعض السنين وصل إلى مدينة القسطنطينية ودخل فم المينا وأخذوا عدة شواني من الروم وأسروا جمعا منهم ورمى الفرنج طاقات قصر الملك بالنشاب وكان الذي يفعل هذا بالروم والمسلمين جرجي وزير صاحب صقلية فمرض عدة أمراض منها البواسير والحصا ومات سنة ست وأربعين وخمسمائة فسكنت الفتنة واستراح الناس من شره وفساده ولم يكن عند صاحب صقلية من يقوم مقامه بعده.