وسار إلى دمشق فنازلها وأجفل أهل السواد إليها واجتمعوا فيها على محاربته.
ونزل أولا شماليها ثم انتقل إلى ميدان الحصى وزحف وقاتل فرأى قوة ظاهرة وشجاعة عظيمة واتفاقا تاما على محاربته وقام معين الدين أنز مملوك جده طغدكين في هذه الحادثة بدمشق قياما مشهودا وظهر من معرفته بأمور الحصار والقتال وكفايته ما لم يرو ما كان سبب تقدمه واستيلائه على الأمور بأسرها على ما نذكر إن شاء الله تعالى.
فبينما هو يحاصرها وصل رسول الخليفة المسترشد بالله وهو أبو بكر بن بشر الجزري من جزيرة ابن عمر بخلع أتابك زنكي ويأمره بصلح صاحب دمشق الملك ألب أرسلان محمود الذي مع أتابك زنكي فرحل عنها لليلتين مضين من جمادى الأولى من السنة المذكورة.
ذكر قتل حسن بن الحافظ قد ذكرنا سنة ست وعشرين وخمسمائة أن الحافظ لدين الله صاحب مصر استوزر ابنه حسنا وخطب له بولاية العهد فبقي إلى هذه السنة ومات مسموما؛ وسبب ذلك أنه كان جريئا على سفك الدماء وكان في نفس الحافظ على الأمراء الذين أعانوا أبا علي بن الأفضل حقد ويريد الانتقام منهم من غير أن يباشر ذلك بنفسه فاستوزر ابنه وأمره بذلك فتغلب على الأمر جميعه واستبد به ولم يبق لأبيه معه حكم وقتل من الأمراء المصريين ومن أعيان البلاد جمعا حتى قيل إنه قتل في ليلة واحدة أربعين أميرا.