الفرنج ولم يسلموه فلم يطلق ولدها ولكنه أطلق ما لها ومن تبعها.
وخرج البطرك الكبير الذي للفرنج ومعه من أموال البيع منها الصخرة والأقصى وقمامة وغيرها ما لا يعلمه إلا الله تعالى وكان له من المال مثل ذلك فلم يعرض له صلاح الدين فقيل له ليأخذ ما معه يقوي به المسلمين فقال لا أعذر به ولم يأخذ منه غير عشرة دنانير وسير الجميع ومعهم من يحميهم إلى مدينة صور.
وكان على رأس قبة الصخرة صليب كبير مذهب فلما دخل المسلمون البلد يوم الجمعة تسلق جماعة منهم إلى أعلى القبة ليقلعوا الصليب فحين صعدوا صاح الناس كلهم صوتا واحدا من البلد ومن ظاهره المسلمون والفرنج أما المسلمون فكبروا فرحا وأما الفرنج فصاحوا تفجعا وترجعا فسمع الناس صيحة كادت الأرض أن تميد بهم لعظمها وشدتها.
فلما ملك البلد وفارقه الكفار أمر صلاح الدين إعادة الابنية إلى حالها القديم فإن الداوية بنوا غربي الأقصى أبنية ليسكنوها وعملوا فيها ما يحتاجون إليه من هري ومستراح وغير ذلك وادخلوا بعض الأقصى في أبنيتهم فأعيد إلى الأول وأمر بتطهير المسجد والصخرة من الأقذار والأنجاس ففعل ذلك أجمع.
ولما كان الجمعة الأخرى رابع شعبان صلى المسلمون فيه الجمعة ومعهم صلاح الدين وصلى في قبة الصخرة وكان الخطيب والإمام محيي الدين بن الزكي قاضي دمشق، ثم رتب فيه صلاح الدين خطيبا وإماما برسم الصلوات الخمس وأمر أن يعمل له منبر فقيل له إن نور الدين محمودا كان قد عمل بحلب منبرا أمر الصناع بالمبالغة في تحسينه وإتقانه وقال: هذا