ولخوفه أن يسلم شيزر إلى الفرنج ثم توفي سلطان وولي بعده أولاده فبلغ نور الدين عنهم مراسلة الفرنج فاشتد حنقه عليهم وانتظر فرصة تمكنه فلما خربت القلعة هذه السنة بما ذكرناه من الزلزلة لم ينج من بني منقذ الذين بها أحد.
وسبب هلاكهم أجمعين أن صاحبها منهم كان قد ختن ولدا له وعمل دعوة للناس وأحضر جميع بني منقذ عنده في داره وكان له فرس يحبه ولا يكاد يفارقه وإذا كان في مجلس أقيم الفرس على بابه وكان المهر في ذلك اليوم على باب الدار فجاءت الزلزلة فقام الناس ليخرجوا من الدار رمح الفرس رجلا كان أولهم فقتله وامتنع الناس من الخروج فسقطت الدار عليهم كلهم وخربت القلعة وسقط سورها وكل بناء فيها ولم ينج منها إلا الشريد فبادر إليها بعض أمرائه وكان بالقرب منها فصعد إليها وتسلمها نور الدين منه فملكها وعمر أسوارها ودورها وأعادها جديدة.
ذكر وفاة الدبيسي صاحب جزيرة ابن عمر واستيلاء قطب الدين مودود على الجزيرة كانت الجزيرة لأتابك زنكي فلما قتل سنة إحدى وأربعين [خمسمائة] أقطعها ابنه سيف الدين غازي للأمير أبي بكر الدبيسي وكان من أكابر أمراء والده فبقيت بيده إلى الآن وتمكن منها وصار بحيث تعذر على قطب الدين أخذها منه فمات في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين ولم يخلف ولدا فاستولى عليها مملوك له اسمه غلبك وأطاعه جندها فحصرهم مودود ثلاثة أشهر ثم تسلمها من غلبك في صفر من سنة ثلاث وخمسين وأعطاه عوضها إقطاعا كثيرا.