عن البلاد فإن قووا على منعه أقاموا بمصر وإن عجزوا عن منعه ركبوا البحر ولحقوا بالبلاد التي قد افتتحوها فجهز شمس الدولة وسار إلى أسوان ومنها إلى بلد النوبة فنازل قلعة اسمها أبريم فحصرها وقاتله أهلها فلم يكن لهم بقتال العسكر الإسلامي قوة لأنهم ليس لهم جنة تقيهم السهام وغيرها من آلة الحرب فسلموها فملكها وأقام بها ولم ير للبلاد دخلا يرغب فيه وتحتمل المشقة لأجله وقوتهم الذرة فلما رأى عدم الحاصل وقشف العيش مع مباشرة الحروب ومعاناة التعب والمشقة تركها وعاد إلى مصر بما غنم وكان عامة غنيمتهم العبيد والجواري.
ذكر ظفر مليح بن ليون بالروم في هذه السنة في جمادى الأولى هزم مليح بن ليون الأرمني صاحب بلاد الدروب المجاورة لحلب عسكر الروم من القسطنطينية.
وسبب ذلك أن نور الدين كان قد استخدم مليحا المذكور وأقطعه سنيا وكان ملازما الخدمة لنور الدين ومشاهدا لحروبه مع الفرنج ومباشرا لها وكان هذا من جيد الأي وصائبه فإن نور الدين لما قيل له في معنى استخدامه وإعطائه الأقطاع في بلاد الشام قال أستعين به على قتال أهل ملته وأريح طائفة من عسكري تكون بإزائه لتمنعه من الغارة على البلاد المجاورة له.
وكان مليح أيضا يتقوى بنور الدين على من يجاوره من الأرمن والروم،