وكان سبب ذلك أن مجاهد الدين قايماز كان متوليا مدينة إربل وكان بينه وبين ابن يزان عداوة محكمة فلما استناب سيف الدين مجاهد الدين بالموصل خاف ابن يزان أن يناله منه أذى فأظهر الامتناع من النزول إلى الخدمة فأرسل إليه جلال الدين وزير سيف الدين كتابا يأمره بمعاودة الطاعة ويحذره عاقبة المخالفة وهو من أحسن الكتب وأبلغها في هذا المعنى ولولا خوف التطويل لذكرته فيطلب من مكاتباته فلما وصل إليه الكتاب والرسول بادر إلى حضور الخدمة بالموصل وزال الخلف.
ذكر فرج بعد شدة يتعلق بالتاريخ بالقرب من جزيرة ابن عمر حصن منيع من أمنع المعاقل اسمه فنك وهو على رأس جبل عال وهو للأكراد البشنوية له بأيديهم نحو ثلاثمائة سنة وكان صاحبه هذه السنة أميرا منهم اسمه إبراهيم وله أخ اسمه عيسى قد أخرج منه وهو لا يزال يسعى في أخذه من أخيه إبراهيم فأطاعه بعض بطانة إبراهيم وفتح باب السر ليلا وأصعد منه إلى رأس القلعة نيفا وعشرين رجلا فقبضوا على إبراهيم ومن عنده ولم يكن عنده إلا نفر من خواصه وهذه قلة على صخرة كبيرة مرتفعة عن سائر القلعة ارتفاعا كثيرا وبها يسكن الأمير وأهله وخواصه وباقي الجند في القلعة تحت القلة فلما قبضوا إبراهيم جعلوه في خزانة وضربه بعضهم بسيف في يده على عاتقه فلم يصنع شيئا فلما جعل في الخزانة وكل به رجلين وصعد الباقون إلى سطح القلعة ولا يشكون أن القلعة لهم لا مانع عنها.