رآه الناس فقتل ومعه نفر ممن كان معه وأسر طائفة وهربت طائفة فلحقوا بمعسكرهم وعادوا إلى بلادهم منهزمين لا يقف الأب على أبيه ولا الأخ على أخيه وتركوا كل ما معهم بحاله ونجوا بنفوسهم.
فكان عمر ملك الغور لما قتل نحو عشرين سنة وكان عادلا حسن السيرة فمن عدله وخوفه عاقبة الظلم أنه حاصر أهل هراة فلما ملكها أراد عسكره منها وقال هذا خير من أن تنبهوا أموال المسلمين وتسخطوا الله تعالى فإن الملك يبقي على الكفر ولا يبقي على الظلم ولما قتل عاد الغز إلى بلخ ومرو وقد غنموا شيئا كثيرا من العسكر الغوري لأن أهله تركوه ونجوا.
ذكر انهزام نور الدين محمود من الفرنج في هذه السنة انهزم نور الدين محمود بن زنكي من الفرنج تحت حصن الأكراد وهي الوقعة المعروفة بالبقيعة تحت حصن الأكراد محاصرا له وعازما على قصد طرابلس ومحاصرتها فبينما الناس يوما في خيامهم وسط النهار لم يرعهم إلا ظهور صلبان الفرنج من وراء الجبل الذي عليه حصن الأكراد وذلك أن الفرنج اجتمعوا واتفق رأيهم على كبسة المسلمين نهارا فإنهم يكونون آمنين فركبوا من وقتهم ولم يتوقفوا حتى يجمعوا عساكرهم وساروا مجدين فلم يشعر بذلك المسلمين إلا وقد قربوا منهم فأرادوا منعهم فلم يطيقوا ذلك فأرسلوا إلى نور الدين يعرفونه الحال فرهقهم