وبلغ الخبر أتابك زنكي وهو يحاصر قلعة البيرة وقد أشرف على ملكها فخاف أن تختلف البلاد الشرقية بعد قتل نصير الدين ففارق البيرة وأرسل زين الدين علي بن بكتكين إلى قلعة الموصل واليا على ما كان نصير الدين يتولاه.
ذكر عدة حوادث في هذه السنة قبض السلطان مسعود على وزيره البروجردي ووزر بعده المزربان بن عبيد الله بن نصر الأصفهاني وسلم إليه البروجردي فاستخرج أمواله ومات مقبوضا.
وفيها كان أتابك عماد الدين زنكي يحاصر البيرة وهي للفرنج شرق الفرات بعد ملك الرها وهي من أمنع الحصون وضيق عليها وقارب أن يفتحها فجاءه خبر قتل نصير الدين نائبه بالموصل فرحل عنها وأرسل نائبا للموصل وأقام ينتظر الخبر فخاف من بالبيرة من الفرنج أن يعود إليهم وكانوا يخافونه خوفا شديدا، فأرسلوا إلى نجم الدين صاحب ماردين وسلموها له فملكها المسلمون.
وفيها خرج أسطول الفرنج من صقلية إلى ساحل أفريقية والغرب ففتحوا مدينة برشك وقتلوا أهلها وسبوا حريمهم وباعوه بصقلية على المسلمين.
وفيها توفي تاشفين بن علي بن يوسف صاحب المغرب وكانت ولايته تزيد على أربع سنين، وولي بعده أخوه وضعف أمر الملثمين وقوي عبد المؤمن وقد ذكرنا ذلك سنة أربع عشرة وخمسمائة.