أموالنا وأمتعتنا ولا نترككم تغنمون منها دينارا واحدا ولا درهما ولا تسبون وتأسرون رجلا ولا امرأة وإذا فرغنا من ذلك أخربنا الصخرة والمسجد الأقصى وغيرهما من الموضع ثم نقتل من عندنا من أسارى المسلمين وهم خمسة آلاف أسير ولا نترك لنا دابة ولا حيوانا الا قتلناه ثم خرجنا إليكم كلنا قاتلناكم قتال من يريد [أن] يحمي دمه ونفسه، وحينئذ لا يقتل الرجل حتى يقتل أمثاله ونموت أعزاء أو نظفر كراما.
فاستشار صلاح الدين أصحابه فاجمعوا على اجابتهم إلى الأمان وان لا يخرجوا ويحملوا على ركوب ما لا يدرى عاقبة الأمر فيه عن أي شيء تنجلي ونحسب انهم أسارى بأيدينا فنبيعهم نفوسهم بما يستقر بيننا وبينهم فأجاب صلاح الدين حينئذ إلى بذل الأمان للفرنج فاستقر أن يؤخذ من الرجل عشرة دنانير يستوي فيه الغني والفقير ويزن الطفل من الذكور والبنات دينارين وتزن المرأة خمسة دنانير فمن أدى ذلك إلى أربعين يوما فقد نجا ومن انقضت الأربعون يوما عنه ولم يؤد ما عليه فقد صار مملوكا فبذل باليان بن بيرزان عن الفقراء ثلاثين ألف دينار فأجيب إلى ذلك.
وسلمت المدينة يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب وكان يوما مشهودا ورفعت الأعلام الإسلامية على أسواره ورتب صلاح الدين على أبواب البلد في كل باب أمينا من الأمراء ليأخذوا من أهله ما استقر عليهم فاستعملوا الخيانة ولم يؤدوا فيه أمانة واقتسم الأمناء الأموال وتفرقت أيدي سبا ولو أديت فيه الأمانة لملأ الخزائن وعم الناس فإنه كان فيه على الضبط ستون ألف رجل ما بين فارس وراجل سوى من يتبعهم من النساء والولدان ولا يعجب السامع من ذلك فإن البلد كبير واجتمع اليه من تلك النواحي من عسقلان وغيرها والداروم والرملة،