فامتنع محيي الدين عن ذلك وقال هما لنا فلم يجب صلاح الدين إلى الصلح إلا بأن تكون إربل والجزيرة معه فلم يتم أمره وقوي طمع صلاح الدين في الموصل بقبض مجاهد الدين فلما رأى صاحب الموصل الضرر بقبض مجاهد الدين قبض على شرف الدين أحمد بن صاحب الغراف وزلفندار عقوبة لهما ثم أخرج مجاهد الدين على ما نذكره إن شاء الله.
ذكر غزو بيسان لما فرغ صلاح الدين من أمر حلب جعل فيها ولده الملك الظاهر غازي وهو صبي وجعل معه الأمير سيف الدين يازكج وكان أكبر الأمراء الأسدية وسار إلى دمشق وتجهز للغزو ومعه عساكر الشام والجزيرة وديار بكر وسار إلى بلد الفرنج فعبر نهر الأردن تاسع جمادى الآخرة من السنة فرأى أهل تلك النواحي قد فارقوها خوفا فقصد بيسان فأحرقها وخربها وأغار على ما هناك فاجتمع الفرنج وجاؤوا إلى قبالته فحين رأوا كثرة عساكره لم يقدموا عليه فأقام عليهم وقد استندوا إلى جبل هناك وخندقوا عليهم فأحاط بهم وعساكر الإسلام ترميم بالسهام وتناوشهم القتال فلم يخرجوا وأقاموا كذلك خمسة أيام وعاد المسلمون عنهم سابع عشر الشهر لعل الفرنج يطمعون ويخرجون فيستدرجونهم ليبلغوا منهم غرضا فلما رأى الفرنج ذلك لم يطمعوا أنفسهم في غير السلامة.
وأغار المسلمون على تلك الأعمال يمينا وشمالا ووصلوا فيها إلى ما لم يكونوا يطمعون في الوصول اليه والإقدام عليه فلما كثرت الغنائم معهم