وضايقتهم فأوقعت بهم فقتلوا من أرادوا قتله وأخذوا الباقين بمراكبهم وأدخلوهم مينا صور والمسلمون في البر ينظرون إليهم ورمى جماعة من المسلمين أنفسهم من الشواني في البحر فمنهم من سبح فنجا ومنهم من غرق.
وتقدم السلطان إلى الشواني الباقية بالمسير إلى بيروت لعدم انتفاعه بها لقلتها فسارت فتبعها شواني الفرنج فحين رأى من في شواني المسلمين الفرنج مجدين في طلبهم ألقوا نفوسهم في شوانيهم إلى البر فنجوا وتركوها فأخذها صلاح الدين ونقضها وعاد إلى مقاتله صور في البر وكان ذلك قليل الجدوى لضيق المجال.
وفي بعض الأيام خرج الفرنج فقاتلوا المسلمين من وراء خنادقهم فاشتد القتال بين الفريقين ودام إلى آخر النهار وكان خروجهم قبل العصر وأسر منهم فارس كبير مشهور بعد أن كثر القتال عليه من الفريقين لما سقط فلما أسر قتل وبقوا ذلك عدة أيام.
ذكر الرحيل عن صور إلى عكا وتفريق العساكر لما رأى صلاح الدين أن امر صور يطول رحل عنها وهذه كانت عادته متى ثبت البلد بين يديه ضجر منه ومن حصاره فرحل عنه وكان هذه السنة لم يطل مقامه على مدينة بل فتح الجميع في الأيام القريبة كما ذكرناه بغير تعب ولا مشقة فلما رأى هو وأصحابه شدة أمر صور ملوها وطلبوا الانتقال عنها ولم يكن لأحد ذنب في أمرها غير صلاح الدين فإنه هو جهز جنود الفرنج وأمدها بالرجال والأموال من أهل عكا وعسقلان والقدس وغير ذلك كما سبق ذكره كان يعطيهم الأمان ويرسلهم إلى صور،