فلما حضره الموت أمر العساكر فركبت وأحضر أمواله وجواهره وحظاياه ومماليكه فنظر إلى الجميع من طيارة تشرف على ما تحتها فلما رآه بكى وقال هذه العساكر والأموال والمماليك والسراري ما أرى يدفعون عني مقدار ذرة ولا يزيدون في أجلي لحظة وأمر بالجميع فرفع بعد أن فرق منه شيئا كثيرا.
وكان عظيما كريما عاقلا كثير التأني في أموره وكان له ولد صغير فسلمه إلى آقسنقر الأحمديلي وقال له أنا أعلم أن الناس لا تطيع مثل هذا الطفل وهو وديعة عندك فارحل به إلى بلادك فرحل إلى مراغة فلما مات اختلفت الأمراء فطائفة طلبوا ملكشاه أخاه وطائفة طلبوا سليمان شاه وهم الأكثر وطائفة طلبوا أرسلان الذي مع إيلدكز فأما ملكشاه فإنه سار من خوزستان ومعه دكلا صاحب فارس وشملة التركماني يدعوهما فوصل إلى أصفهان فسلمها إليه ابن الخجندي وجمع له مالا أنفقه عليه وأرسل إلى العساكر بهمذان يدعوهم إلى طاعته فلم يجيبوه لعدم الاتفاق بينهم ولأن أكثرهم كان يريد سليمان شاه.
ذكر أخذ حران من نور الدين وعودها غليه في هذه السنة مرض نور الدين محمود بن زنكي صاحب حلب مرضا شديدا أرجف بموته وكان بقلعة حلب ومعه أخوه الأصغر أميران فجمع الناس وحصر القلعة وكان شيركوه وهو أكبر أمرائه بحمص فبلغه خبر موته فسار إلى دمشق ليتغلب عليها وبها أخوه نجم الدين أيوب،