الاختلاف الواقع أرسلوا يطلبون الأمان فأمنهم على نفوسهم وأموالهم وتسلمها في التاسع والعشرين من جمادى الأولى من السنة فكان مدة حصرها ثمانية أيام.
وأما جبيل فإن صاحبها كان من جملة الأسرى الذين سيروا إلى دمشق مع ملكهم فتحدث مع نائب صلاح الدين بدمشق في تسليم جديد على شرط إطلاقه فعرف صلاح الدين بذلك فأحضره مقيدا عنده تحت الاستظهار والاحتياط وكان العسكر حينئذ على بيروت فسلم حصنه وأطلق اسرى المسلمين الذين به وأطلقه صلاح الدين كما شرط له وكان هذا صاحب جبيل من أعيان الفرنج وأصحاب الرأي والمكر والشر به يضرب المثل بينهم وكان للمسلمين منه عدو أزرق وكان إطلاقه من الأسباب الموهنة للمسلمين على ما يأتي بيانه.
ذكر خروج المركيش إلى صور لما انهزم القمص صاحب طرابلس من حطين إلى مدينة صور فأقام بها وهي أعظم بلاد الشام حصانة وأشد امتناعا على من رامها فلما رأى السلطان قد ملك تبنين وصيدا وبيروت خاف أن يقصد صلاح الدين صور وهي فارغة ممن يقاتل فيها ويحميها ويمنعها فلا يقوى على حفظها وتركها وسار إلى مدينة طرابلس فبقيت صور شاغرة لا مانع لها ولا عاصم من المسلمين فلو بدأ بها صلاح الدين قبل تبنين وغيرها لأخذها بغير مشقة لكنه استعظمها لحصانتها فأراد أن يفرغ باله مما يجاورها من نواحيها ليسهل أخذها فكان ذلك سبب حفظها وكان أمر الله قدرا مقدورا واتفق أن إنسانا من الفرنج الذين داخل البحر يقال