ذكر ملك نور الدين محمود مدينة دمشق في هذه السنة في صفر ملك نور الدين محمود بن زنكي بن آقسنقر مدينة دمشق وأخذها من صاحبها مجير الدين أنز بن محمد بن بوري بن طغدكين أتابك.
وكان سبب حرصه على ملكها أن الفرنج لما ملكوا في العام الماضي مدينة عسقلان لم يكن لنور الدين طريق إلى إزعاجهم عنها لاعتراض دمشق بينه وبين عسقلان فلما ملك الفرنج عسقلان طمعوا في دمشق حتى أنهم استعرضوا كل من بها من مملوك وجارية من النصارى فمن أراد المقام بها تركوه ومن أراد العود إلى وطنه أخذوه قهرا شاء صاحبه أم أبى.
وكان لهم على أهلها كل سنة قطيعة يأخذونها منهم فكان رسلهم يدخلون البلد ويأخذونها منهم فلما رأى نور الدين ذلك خاف أن يملكها الفرنج فلا يبقى حينئذ للمسلمين بالشام مقام فأعمل الحيلة في أخذها حيث علم أنها لا تملك قوة لأن صاحبها متى رأى غلبة ممن يقصده راسل الفرنج واستعان بهم لئلا يملكها من يقوى بها على قتالهم فراسل مجير الدين صاحبها واستماله وواصله بالهدايا وأظهر له المودة حتى وثق إليه فكان نور الدين يقول له في بعض الأوقات إن فلانا قد كاتبني في تسليم دمشق يعني بعض أمراء مجير الدين فكان يبعد الذي قيل عنه ويأخذ أقطاعه فلما لم يبق عنده من الأمراء أحدا قدم أميرا يقال له عطاء بن حفاظ السلمي الخادم وكان شهما شجاعا وفوض إليه أمر دولته فكان نور الدين لا يتمكن معه