الفرنج قد جمعوا له وساروا إليه وقد جعلوا في مقدمتهم إليه ابن هنفري وقريب من الرقيق وهما فارسا الفرنج في وقتهما فرحل نور الدين نحو هذين المقدمين ليلقاهما ومن معهما قبل أن يلتحق بهما باقي الفرنج فلما قاربهما رجعا القهقرى واجتمعا بباقي الفرنج.
وسلك نور الدين وسط بلادهم ينهب ويحرق ما على طريقه من القرى إلى أن وصل إلى بلاد الإسلام فنزل على عشترا وأقام ينظر حركة الفرنج ليلقاهم فلم يبرحوا من مكانهم فأقام هو حتى أتاهم خبر الزلزلة الحادثة فرحل.
أما نجم الدين أيوب فإنه وصل إلى مصر سالما هو ومن معه وخرج العاضد الخليفة التقاه إكراما له.
ذكر غزوة لسرية نورية كان شهاب الدين الياس بن ايلغازي بن أرتق صاحب قلعة البيرة قد سار في عسكره وهو في مائتي فارس إلى نور الدين وهو بعشترا فلما وصل إلى قرية اللبوة وهي من عمل بعلبك ركب متصيدا فصادف ثلاثمائة فارس من الفرنج قد ساروا للإغارة على بلاد الإسلام سابع عشر شوال فوقع بعضهم على بعض واقتتلوا واشتد القتال وصبر الفريقان لا سيما المسلمون فإن ألف فارس لا يصبرون لحملة ثلاثمائة فارس إفرنجية وكثر القتلى بين الطائفتين فانهزم الفرنج وعمهم القتل والأسر فلم يفلت منهم إلا من لا يعتد به.