أرسلوا إلى القمص البطرك والقسوس والرهبان وكثيرا من الفرسان فأنكروا عليه انتماءه إلى صلاح الدين وقالوا له لا شك أسلمت وإلا لم تصبر على فعل المسلمين أمس بالفرنج يقتلون الداوية والاسبتارية ويأسرونهم ويجتازون بهم عليك وأنت لا تنكر ذلك ولا تمتنع عنه ووافقهم على ذلك من عنده من عسكر طبرية وطرابلس وتهدده البطرك أنه يحرمه ويفسخ عليه نكاح زوجته إلى غير ذلك من التهديد فلما رأى القمص شدة الأمر عليه خاف واعتذر وتنصل وتاب فقبلوا عذره وغفروا زلته وطلبوا منه الموافقة على المسلمين والمؤازرة على حفظ بلادهم فأجابهم إلى المصالحة والانضمام إليهم والاجتماع بهم وسار معهم إلى ملك الفرنج واجتمعت كلمتهم بعد فرقتهم ولم تغن عنهم من الله شيئا وجمعوا فارسهم وراجلهم ثم ساروا من عكا إلى صفورية وهم يقدمون رجلا ويؤخرون أخرى قد ملئت قلوبهم رعبا.
ذكر فتح صلاح الدين طبرية لما اجتمع الفرنج وساروا إلى صفورية جمع صلاح الدين أمراءه واستشارهم فأشار أكثرهم عليه بترك اللقاء وان يضعف الفرنج بشن الغارات وإخراب الولايات مرة بعد مرة فقال له بعض أمرائه الرأي عندي أننا نجوس بلادهم وننهب ونخرب ونحرق ونسبي فإن وقف أحد من عسكر الفرنج بين أيدينا لقيناه فإن الناس بالمشرق يلعنوننا ويقولون ترك قتال الكفار وأقبل يريد قتال المسلمين والرأي أن نفعل فعلا نعذر فيه ونكف الألسنة عنا فقال صلاح الدين الرأي عندي أن نلقى بجمع