المرية برا وبحرا وجاء الفرنج إلى حصنها فحصرهم فيها ونزل عسكره على الجبل المشرف عليها وبنى أبو سعيد سورا على الجبل المذكور إلى البحر وعمل عليه خندقا فصارت المدينة والحصن الذي فيه الفرنج محصورا بهذا السور والخندق ولا يمكن من ينجدهما من أن يصل إليهما فجمع الأذفونش ملك الفرنج بالأندلس المعروف بالسليطين في اثني عشر ألف فارس من الفرنج ومعه محمد بن سعيد بن مردنيش في ستة آلاف فارس من المسلمين وراموا الوصول إلى المدينة ودفع المسلمين عنها فلم يطيقوا ذلك فرجع السليطين وابن مردنيش خائبين فمات السليطين في عوده قبل أن يصل إلى طليطلة.
وتمادى الحصار على المرية ثلاثة أشهر فضاقت الميرة وقلت الأقوات على الفرنج فطلبوا الأمان ليسلموا الحصن فأجابهم أبو سعيد إليه وأمنهم وتسلم الحصن ورحل الفرنج في البحر عائدين إلى بلادهم فكان ملكهم المرية مدة عشر سنين.
ذكر غزو صاحب طبرستان الإسماعيلية في هذه السنة جمع شاه مازندران رستم بن علي بن شهريار عسكره وسار ولم يعلم أحدا جهة مقصده وسلك المضايق وجد السير إلى بلد الموت وهي للإسماعيلية فأغار عليها وأحرق القرى والسواد وقتل فأكثر وغنم أموالهم وسبى نساءهم واسترق أبناءهم فباعهم في السوق وعاد سالما غانما وانخذل الإسماعيلية ودخل عليهم من الوهن ما لم يصابوا بمثله وخرب من بلادهم ما لا يعمر في السنين الكثيرة.