وبلغ أهل البلد الخبر فتحصنوا وحصرهم وقاتلهم وقاتلوه وأفحشوا في سبه فلما علم أنه لا طاقة له بهم رجع إلى تستر وهي قريبة منها وأرسل أهل نهاوند إلى البهلوان يطلبون منه نجدة فتأخرت عنهم فلما اطمأنوا خرج ابن سنكا من تستر في خمسمائة فارس وسار يوما وليلة فقطع أربعين فرسخا حتى وصل إلى نهاوند وضرب البوق وأظهر أنه من أصحاب البهلوان لأنه جاءهم من ناحيته ففتح أهل البلد له الأبواب فدخله فلما توسط قبض على القاضي والرؤساء وصلبوهم ونهب البلد وقطع أنف الوالي وأطلقه وتوجه نحو ماسبذان قاصدا للعراق.
ذكر قصد نور الدين بلاد قلج أرسلان في هذه السنة سار نور الدين محمود بن زنكي إلى مملكة عز الدين قلج أرسلان ابن مسعود بن قلج أرسلان وهي ملطية وسيواس وأقصرا وغيرها ملازما على حربه وأخذ بلاده منه.
وكان سبب ذلك أن ذا النون بن دانشمند صاحب ملطية وسيواس قصده قلج أرسلان وأخذ بلاده وأخرجه عنها طريدا فريدا فصار إلى نور الدين مستجيرا به وملتجئا إليه فأكرم نزله وأحسن إليه وحمل له ما يليق أن يحمل إلى الملوك ووعده النصرة والسعي في رد ملكه إليه.
ثم إنه أرسل إلى قلج أرسلان يتشفع في إعادة ملكه فلم يجبه إلى ذلك فسار نور الدين إليه فابتدأ بكيسون وبهنسى ومرعش ومرزبان فملكها وما بينها وكان ملكه لمرعش أوائل ذي القعدة والباقي بعدها فلما ملكها سير طائفة من عسكره إلى سيواس فملكوها.