ذكر ولاية عيسى مكة حرسها الله تعالى كان أمير مكة هذه السنة قاسم بن فليتة بن قاسم بن أبي هاشم العلوي الحسيني فلما سمع بقرب الحجاج من مكة صادر المجاورين وأعيان أهل مكة وأخذ كثيرا من أموالهم وهرب من مكة خوفا من أمير الحاج أرغش.
وكان قد حج هذه السنة زين الدين علي بن بكتكين صاحب جيش الموصل ومعه طائفة صالحة من العسكر فلما وصل أمير الحاج إلى مكة رتب مكان قاسم بن فليتة عمه عيسى بن قاسم بن هاشم فبقي كذلك إلى شهر رمضان ثم إن قاسم بن فليتة جمع جمعا كثيرا من العرب أطمعهم في مال له بمكة فاتبعوه فسار بهم إليها فلما سمع عمه عيسى فارقها ودخلها قاسم فأقام بها أميرا أياما ولم يكن له مال يوصله إلى العرب ثم إنه قتل قائدا كان معه حسن السيرة فتغيرت نيات أصحابه عليه وكاتبوا عمه عيسى فقدم عليهم فهرب وصعد جبل أبي قبيس فسقط عن فرسه فأخذه أصحاب عيسى وقتلوه فعظم عليه قتله فأخذه وغسله ودفنه بالمعلى عند أبيه فليتة واستقر الأمر بعده لعيسى والله أعلم.
ذكر عدة حوادث في هذه السنة سار عبد المؤمن بن علي إلى جبل طارق وهو على ساحل الخليج بما يلي الأندلس فعبر المجاز إليه وبنى عليه مدينة حصينة وأقام بها عليه عدة شهور وعاد إلى مراكش.