ذكر حصر صلاح الدين مدينة حلب وصالح عليها لما ملك صلاح الدين قلعة إعزاز رحل إلى حلب فنازلها منتصف ذي الحجة وحصرها وبها الملك الصالح ومن معه من العساكر وقد قام العامة في حفظ البلد القيام المرضي بحيث إنهم منعوا صلاح الدين من القرب من البلد لأنه كان إذا تقدم للقتال خسر هو وأصحابه وكثر الجراح فيهم والقتل وكانوا يخرجون ويقاتلونه ظاهر البلد فترك القتال وأخلد للمطاولة.
وانقضت سنة إحدى وسبعين ودخلت سنة اثنتين وسبعين وهو محاصر لها ثم ترددت الرسل بينهم في الصلح في العشرين من المحرم فوقعت الإجابة إليه من الجانبين لأن أهل حلب خافوا من طول الحصار فإنهم ربما ضجروا وضعفوا وصلاح الدين رأى أنه لا يقدر على الدنو من البلد ولا على قتال من به فأجاب أيضا وتقررت القاعدة في الصلح للجميع للملك الصالح ولسيف الدين صاحب الموصل ولصاحب الحصن ولصاحب ماردين وتحالفوا واستقرت القاعدة أن يكونوا كلهم عونا على الناكث الغادر.
فلما انفصل الأمر رحل عن حلب بعد أن أعاد قلعة إعزاز إلى الملك الصالح فإنه أخرج [إلى] صلاح الدين أختا له صغير طفله فأكرمها صلاح الدين وحمل لها شيئا كثيرا وقال لها ما تريدين قالت أريد قلعة إعزاز وكانوا قد علموها ذلك، فسلمها إليهم ورحل إلى بلد الإسماعيلية.