ذكر عصيان الرها لما قتل أتابك كان جوسلين الفرنجي الذي كان صاحب الرها في ولايته وهي تل باشر وما يجاورها فراسل أهل الرها وعامتهم من الأرمن وحملهم على العصيان والامتناع من المسلمين وتسليم البلد إليه فأجابوه إلى ذلك وواعدهم يوما يصل إليهم فيه وسار في عساكره إلى الرها وملك البلد وامتنعت القلعة عليه بمن فيها من المسلمين فقاتلهم فبلغ الخبر إلى نور الدين محمود بن زنكي وهو بحلب فسار مجدا إليها في عسكره فلما قاربها أخرج جوسلين هاربا عائدا إلى بلده ودخل نور الدين المدينة ونهبها حينئذ وسبى أهلها.
وفي هذه الدفعة نهبت وخلت من أهلها ولم يبق منهم إلا القليل وكثير من الناس يظن أنها نهبت لما فتحها الشهيد وليس كذلك.
وبلغ الخبر إلى سيف الدين غازي بعصيان الرها فسير العساكر إليها فسبقه الملك نور الدين إلى البلد واستباحه وهم في الطريق فعادوا.
ومن أعجب ما يحكى أن زين الدين عليا الذي كان نائب الشهيد وأولاده بقلعة الموصل جاءه هدية أرسلها إليه نور الدين من هذا الفتح وفي الجملة جارية فلما دخل إليها وخرج من عندها وقد اغتسل وقال لمن عنده تعلمون ما جرى لي في يومنا هذا قالوا لا قال لما فتحنا الرها