صلاح الدين فرخشاه ولد أخيه في جمع من العسكر إليهم وأمر أنه إذا قاربهم يرسل إليه يخبره على جناح طائر ليسير إليه وتقدم إليه أن يأمر أهل البلاد بالانتزاح من بين يدي الفرنج فسار فرخشاه في عسكره يطلبهم فلم يشعر إلا والفرنج قد خالطوه فاضطر إلى القتال فاقتتلوا أشد قتال رآه الناس وألقى فرخشاه نفسه عليهم وغشى الحرب ولم يكلها إلى سواه، فانهزم الفرنج ونصر المسلمون عليهم وقتل من مقدميهم جماعة ومنهم هنفري وما أدراك ما هنفري كان يضرب به المثل في الشجاعة والرأي في الحرب وكان بلاء صبه الله على المسلمين فأراح الله من شره وقتل غيره من أضرابه ولم يبلغ عسكر فرخشاه ألف فارس.
وفيها أيضا أغار البرنس صاحب أنطاكية واللاذقية على جشير المسلمين بشيزر وأخذه وأغار صاحب طرابلس على جمع كثير من التركمان فأجحف بأموالهم وكان صلاح الدين على بانياس على ما نذكره إن شاء الله فسير ولد أخيه تقي الدين عمر إلى حماة وابن عمه ناصر الدين محمد بن شيركوه إلى حمص وأمرهما بحفظ البلاد وحياطة أطرافها من العدو دمرهم الله تعالى.
ذكر عدة حوادث ليلة النصف من ربيع الآخر انكسف القمر نحو ثلث الليل الأخير وغاب منكسفا.
وفيها أيضا في التاسع والعشرين انكسفت الشمس وقت العصر فغربت منكسفة.