فبقي على حصارها إلى أن رحل عنها ما نذكره إن شاء الله تعالى.
حكي أن بعض الحكماء بالأنساب والتواريخ قال كان صاحب جزيرة صقلية قد أرسل سرية في البحر إلى طرابلس الغرب وتلك الأعمال فنهبوا وقتلوا وكان بصقلية إنسان من العلماء المسلمين وهو من أهل الصلاح وكان صاحب صقلية يكرمه ويحترمه ويرجع إلى قوله ويقدمه على من عنده من القسوس والرهبان وكان أهل ولايته يقولون إنه مسلم بهذا السبب.
ففي بعض الأيام كان جالسا في منظرة تشرف على البحر وإذ قد أقبل مركب لطيف وأخبره من فيه أن عسكره دخل بلاد الإسلام وغنموا وقتلوا وظفروا وكان المسلم إلى جانبه وقد أغفى فقال له الملك يا فلان أما تسمع ما يقولون قال: لا! قال إنهم يخبرون بكذا وكذا أين كان محمد عن تلك البلاد وأهلها؟ فقال له: كان غاب عنهم وشهد فتح الرها وقد فتحها المسلمون الآن؛ فضحك منه من كان هناك من الفرنج فقال الملك لا تضحكوا فوالله ما يقول إلا الحق فبعد أيام وصلت الأخبار من فرنج الشام بفتحها.
وحكى لي جماعة من أهل الدين والصلاح أن إنسانا صالحا رأى الشهيد في النوم فقال له: ما فعل الله بك؟ قال غفر لي بفتح الرها.
ذكر قتل نصير الدين جقر وولاية زين الدين على كوجك قلعة الموصل في هذه السنة، في ذي القعدة قتل نصير الدين جقر نائب أتابك زنكي بالموصل والأعمال جميعها التي شرق الفرات.