وكان قلج أرسلان لما سار نور الدين إلى بلاده قد سار من طرقها التي تلي الشام إلى وسطها وراسل نور الدين يستعطفه ويسأله الصلح فتوقف نور الدين عن قصده رجاء أن ينصلح الأمر بغير حرب فأتاه عن الفرنج ما أزعجه فأجابه إلى الصلح وشرط عليه أن ينجده بعساكر إلى الغزاة وقال له أنت مجاور الروم ولا تغزوهم وبيدك قطعة كبيرة من بلاد الإسلام ولا بد من الغزاة معي فأجابه إلى ذلك وتبقى سيواس على حالها بيد نواب نور الدين وهي لذي النون فبقي العسكر في خدمة ذي النون إلى أن مات نور الدين فلما مات رحل عسكره عنها وعاد قلج أرسلان وملكها وهي بيد أولاده إلى الآن سنة نيف وعشرين وستمائة.
ولما كان نور الدين في هذه السفرة جاءه رسول كمال الدين أبي الفضل محمد بن عبد الله الشهرزوري من بغداد ومعه منشور من الخليفة بالموصل والجزيرة وبإربل وخلاط والشام وبلاد قلج أرسلان وديار مصر.
ذكر رحيل صلاح الدين من مصر إلى الكرك وعوده عنها في هذه السنة في شوال رحل صلاح الدين يوسف بن أيوب من مصر بعساكرها جميعها إلى بلاد الفرنج يريد حصر الكرك والاجتماع مع نور الدين عليه والاتفاق على قصد بلاد الفرنج من جهتين كل واحد منهما في جهة بعسكره.
وسبب ذلك أن نور الدين لما أنكر على صلاح الدين عوده من بلاد الفرنج